العنوان : الترغيب في الإكثار من تلاوة القرآن في رمضان
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما،
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واغتنموا هذا الشهرَ المباركَ بالأعمالِ الصالحة، ومِن أَولاها بعنايتِكم في هذا الشهرِ تلاوةُ كتابِ اللهِ تعالى، فإنَّ القرآنَ له اختصاصٌ برمضان، ففيهِ بدأ إنزالُه، قال تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} وكان النبيُّ ﷺ يعتني بالقرآنِ في رمضانَ أكثرَ مما يكونُ في غَيرِه. يَدُلُّ عليه أمران:
الأول: أن جبريل عليه السلام كان ينزل على النبي ﷺ كلَّ ليلةٍ في رمضان فيدارسُه القرآن.
الثاني: أَنّ النبيَّ ﷺ كان يطيلُ القيامَ في رمضانَ لا سيّما في العشرِ الأواخرِ منه حتى كان يحيي الليل َكُلَّه، وذلك يَستلزِمُ كثْرةَ ما يقرؤه في قيامهِ ﷺ.
فأكثروا من تلاوةِ كتابِ الله جلَّ وعلا في هذا الشهر، ففي تلاوتهِ الهُدى والنور، وكثرةُ الأُجور، وشَرْحُ الصدور، وتجارةٌ لن تَبُور.
قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}
أكثروا تلاوةَ القرآن، فتلاوتُهُ بِرٌّ وإحسان، وزيادةٌ في الإيمان، وشفاءٌ من الأسقام ، وهدى إلى سُبلِ السلام، قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} وقال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} وقال تعالى {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} وقال تعالى {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
عباد الله:
أكثروا من تلاوةِ القرآن، فإنَّ تلاوتَهُ غنيمةٌ وسعادة، وهُجرانَهُ حَسْرةٌ وندامة، أكثروا من تلاوةِ القرآن فإنه نعم الذُّخْرُ ليومِ القيامة، قال ﷺ «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» رواه مسلم.
جعلني الله وإياكم من أهل القرآن الذين يتلونه ويتدبرونه ويعملون به إنه سميع مجيب الدعوات، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق كل شيء فقدره تقديراً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله للعالمين بشيراً ونذيراً وداعياً الى الله بإذنه وسراجاً منيراً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسلمياً
أما بعد: فاتقوا اللهَ عبادَ الله ، واعلموا أَنّ خيرَ هذه الأمةِ مَنْ تَعَلَّمَ القرآنَ وعلّمَه، وأنّ من خيرِ الأعمالِ مدارسةَ كتابِ الله تعالى، فما أَجَلَّهُ من كتابٍ وأَعظَمَه، مَن عَمِلَ بهِ رَفعَ اللهُ مقامَه، ومَن هجَرَهُ وأَهملَ تلاوتَه والعملَ به خَفَضَه، قال تعالى {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} وقال ﷺ «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ». وقال ﷺ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»، وقال ﷺ : “وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ” رواه مسلم.
فأوصي نفسي وإياكم بالإكثارِ من تلاوةِ القرآن، لا سيما في هذا الشهرِ الكريم، شهرِ رمضان، شهرِ القرآن. ولْنَحْذَرْ من الصوارفِ والشواغل، ولا سيما بأجهزةِ وسائلِ التواصل، فكم تَسرِقُ مِن أعمارِنَا، وكم تَسْلُبُ من أوقاتِنا.
اللهم يَسِّر لنا تلاوة َكتابك، وأَفِضْ علينا مِن بركاتك، واجعلنا من أهل القرآنِ يا سميعَ الدعاء. اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمشركين. وانصر عبادَك الموحدين. اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.