العنوان : حرمة العدوان على المستأمنين خطبة مكتوبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد:
فاتقوا اللهَ عبادَ الله واعلموا أن دينَكُمْ دينُ مكارمِ الأخلاقِ ومحاسِنِها، حتى قال ﷺ : “إنما بعثت لِأُتَـمِّمَ صالحَ الأخلاقِ” رواه أحمد، ووصفَ اللهُ نبيَّهُ ﷺ _وهو قُدوةُ الأُمَّةِ وأُسوتُها_ فقال : ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ ومَنْشَأُ عظمةِ أخلاقهِ ﷺ أَنّه تخلّق بكتاب الله جل علا بامتثالِ أوامره، واجتنابِ نواهيه _إضافةً لما طَبعهُ الله عليه من الخصالِ والسجايا_ قالتْ عائشةُ رضي اللهُ عنها حين سُئِلتْ عن خُلُقِ النبي ﷺ “كان خُلقُهُ القرآنَ” رواه أحمد، ورُوي عن عليٍّ رضي الله عنه أنه قال: “الخلُقُ العظيمُ: آدابُ القرآن”.
وإنَّ الصدقَ في الحديثِ واحترامَ العُهودِ والوفاءَ بالعُقودِ واجتنابَ الظلمِ والعُدوانِ مِن أَعظمِ القِيَمِ التي أمرَ بها دينُنا فقال تعالى: “﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ وقال تعالى ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ وقال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ وقال تعالى ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وقال تعالى ﴿وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
وهذه الأخلاقُ الحميدةُ، والسجايا الكريمةُ، هي خُلقُ المسلمِ مع المسلمِ ومع الكافر، فكما لا يجوزُ ظلمُ المسلمِ ولا العدوانُ عليه، ولا الغَدرُ به ولا نَكثُ عهدهِ فكذلك الحالُ مع الكافرِ الذي دخلَ بلدَ المسلمينَ بعدَ أَنْ أُعطيَ الأمانَ على نفسهِ أَنّه لا يَعتدِي عليه أحدٌ، ولا يَبغِي عليه أحدٌ، ولا يؤذيه أحدٌ، ولا يضره أحدٌ بغيرِ وجهِ حق.
عباد الله:
إنّ بلادَنا تستقبل ُكلَّ عامٍ ملايينَ البشرِ من طُلّابِ الدينِ والدنيا _ والحمدُ للهِ على فضلهِ وإنعامِه_ ومنهم المسلمُ والكافرُ، أَمّا المسلمُ فبينَنَا وبينَهُ أُخوَّةُ الإسلامِ ومودّتُه، وأَمَّا الكافرُ _وإنْ كنّا نبرأ إلى الله منهُ ومِنْ كُفْرِه_ إلا أَنّنا نتعاملُ معه بالبرِّ _وهو الإحسانُ_، وبالقِسْطِ _وهو العَدْلُ _ كما قال تعالى ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ ومِن حِكَمِ هذا التعاملِ أن يَتعرّفوا على حُسنِ الإسلامِ وكمالهِ وجمالهِ وموافقتهِ للفطر السليمة والعقولِ الرشيدة، فيكونَ سبباً لدخول الكافرِ في الإسلام، فيهتديَ في الدنيا ويَسْعدَ في الآخرة، وكَمْ مِن أُممٍ وشُعوبٍ دخلتْ في الإسلام لـمَّا رَأَتْ حُسنَ تعاملِ أَهلهِ.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانِه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً، أما بعد: فاتقوا الله عبادَ الله، واحذروا مسالكَ الغلوِّ والتفريطِ في التعامل مع المستأَمَنِين، فمِنَ الناسِ من يَغلوْ ويتجاوزُ الحَدَّ مع الذين يدخلونَ بلادَنا بقصدِ التجارةِ أو السياحةِ أو غيرهما من المقاصدِ المباحة، فيعتديَ عليهم بالقتلِ، كما كانتْ تفعلهُ الجماعاتُ الإرهابية، وقدَ قال ﷺ : «مَنْ قتلَ مُعَاهِداً في غير كُنْهِهِ حَرَّم الله عليهِ الجنةَ”» رواه أبو داود وقال ﷺ «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» رواه البخاري.
ومِن الناسِ من يعصي اللهَ تعالى في تعاملهِ معهم من جهةِ الكذبِ والتحايلِ والغِشِّ بقصدِ التكسبِ والرِّبح، وقد قال ﷺ “من غشَّ فليس منا” فدلّ على حُرمةِ الغِشِّ كلِّهِ سواءٌ معَ المسلمِ أو معَ الكافرِ.
ومِن الناسِ من يتجاوزُ في التعاملِ معهم حدودَ الأخلاقِ الجميلة، والعاداتِ الحميدة، بلْ يتجاوزُ حتى حدودَ العقيدةِ، وهذا ليسَ من التسامحِ ولا الوسطيةِ في شيء. فالتسامحُ الحقُّ الوسطيُّ هو التعاملُ معهم بالبرِ والإحسانِ والعدلِ كما أمرَ الله، دون تخلي المسلم عن عقيدتهِ وخلُقِه، ودونَ المساسِ بأنظمةِ الوطنِ وأمنهِ وسمعتِه.
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين. وانصر عبادَك الموحدين. اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جزاك الله خيرا
جزاك الله خير الجزاء شيخنا
جزاكم الله خيرا يا شيخنا
جزاك الله خيرا ونفع بك الاسلام والمسلمين
بارك الله فيما تقول و ما تنشر و أسال الله أن يجعله في ميزان حسناتك
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً، ورفع الله قدركم شيخنا المبارك.