جديد الإعلانات :

العنوان : خطبة مناسبة لآخر شهر رمضان

عدد الزيارات : 2904

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى حقَّ تقاتِه، وسارعوا إلى مغفرته ومرضاته، واجتنبوا أسبابَ سَخطهِ وعقوباته، {فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}. {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}.

عباد الله:

إنّ سرعةَ انقضاءِ شهرِ رمضان، يُذكّرُنا بسرعةِ انقضاءِ الأعمار، وحُلولِ الآجال، وانقطاعِ الآمال، والانتقالِ إلى دارِ الجزاءِ على الأعمال، فلنستعدَّ لما بعد الممات، بالإيمان والأعمالِ الصالحات، والتوبةِ من المعاصي، والندمِ على ما فات، فقد أَمَرَنا اللهُ بالتزودِ لسفرِنا إليه، وبالاستعدادِ للقدومِ عليه، فقال جلَّ وعلا: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}

عبادَ الله:

لم يَبقَ من رمضانَ إلا زمنٌ قليل، ولكنّه باعتبارِ الفضلِ عندَ الله موسمٌ عظيم، فقد تكونُ ليلتُكم هذه التي تستقبلونَها بعدَ سُويعاتٍ هيَ ليلةَ القدرِ، التي هي خيرٌ من ألفِ شهر، فتحرُّوها بالجدِّ والاجتهاد فيها، قياماً وتلاوةً ودعاءً وذِكراً،  ثم تَستقبلونَ آخرَ ليلةٍ من رمضان _وهي إلى كونِها يمُكِنُ أنْ تكونَ ليلةَ القدِر_ فقد وردَ في الحديث أيضاً بأنّها ليلةُ المغفرة، ففي الحديث “ويُغْفَرُ لهم في آخر ليلة، قِيْلَ يا رسول الله أهِيَ ليلةُ القَدْرِ؟ قال: لاَ ولكنَّ العاملَ إِنما يُوَفَّى أجْرَهُ إذا قضى عَمَلَه”، فتعرّضوا للمغفرةِ بتحصيلِ أسبابها، قال تعالى {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} فمن أراد المغفرة فعليه بالتوبة النَّصُوح، والإيمانِ الصادق، والعملِ الصالح، والثباتِ على الاستقامة، جعلني الله وإياكم من أهل الفوزِ بمغفرة الله ورضوانه.

عباد الله:

يُشرعُ في ختامِ الشهر إخراجُ زكاةِ الفِطر، وهي صاعٌ من طعام يخرجه المسلمُ عن نفسهِ وعمّن يَمُوْنُهم، عن كلِّ واحدٍ منهم صاع. ومقدارُه ثلاثةُ كيلو تقريباً، وأفضلُ وقتٍ لإخراجِها يومُ العيد قبلَ صلاةِ العيد، ويجوز إخراجُها قبلَ العيد بيومٍ أو يومين.

فأخرجوها كما شُرِعَ لكم، طيبةً بها نفوسُكم، فإنها كفارةٌ للصائمِ من ذنوبِه، وجابرةٌ للنقص الحاصلِ في صومِه، ورافعةٌ لدرجاتِه، وهي مواساةٌ للفقراءِ والمساكين، تسدُّ فاقَتَهُم، وتَحفظُ ماءَ وجوهِهم، فتفقّدوا فقراءَكم، وتواصَوا بهم، لا سيّما مَنْ يَحسَبُهُم الجاهلُ بحالِهم أغنياءَ من التعفف، وأخبروا بهم أئمة مساجدكم، والأعيانَ في أحيائكم فإن الناسَ تسألهم عادةً عن المحتاجين للزكوات، فهذا من التعاون على البر والتقوى.

عباد الله:

شرعَ اللهُ صلاةَ العيد، وهي صلاةٌ عظيمة، ومَشْهَدٌ عظيمٌ من مشاهدِ الإسلام، وكان النبي ﷺ يأمر المسلمينَ بشهودهِ حتى النساءَ وذواتِ الخُدورِ _وهُنَّ الفتياتُ الأبكارُ اللواتي كان شأنُهنَّ التسترُ بملازمةِ البيوتِ _، بل أمر ﷺ الحيّضَ بشهودِ العيد غيرَ أنّهنَّ يعتزلن المصلّى ويجلِسْنَ وراءَ الناسِ يستمعنَ الخُطبةَ ويُؤَمِّنَّ على الدعاء. فاحرصوا على حضور صلاة العيد والاستماع للخُطبة.

واحرصوا على الالتزام بالأحكامِ الشرعية، والآدابِ الـمَرْعِيّة، كتناولِ تمراتٍ وِتراً قبلَ الخروجِ لصلاةِ العيد، والاشتغالِ بالتكبيرِ حتى يحضرَ الإمام، والتزامِ النساءِ بالخروج للعيد غيرَ متطيباتٍ ولا متبرجاتٍ بزينة.

عباد الله:

هنيئاً لمن وفقه الله؛ فأخرجَ زكاةَ الفطرِ، وشهد صلاةَ العيدِ راغباً فيما عند الله، ففي التنزيل الحكيم قال المولى الكريم: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} ، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله العلي الأعلى، والصلاة والسلام على أفضل من صام وقام، وتصدق وصلى، وعلى آله وصحبه ومن اتّبعَ أثرَه واقتفى، أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنه مما يُشرعُ في ختامِ شهرِ رمضانَ تكبيرُ اللهِ تعالى بعدَ إكمالِ عِدَّةِ الصوم،  قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: “حقٌّ على المسلمينَ إذا نظروا إلى هلالِ شَوّالٍ أنْ يكبّروا اللهَ حتى يَفْرُغُوا من عيدِهم؛ لأنّ اللهَ تعالى ذِكْرُهُ يقول: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} أخرجه ابن جرير.  وكان ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه يكبرُ فيقول: “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد” أخرجه ابن أبي شيبة.

معاشر المؤمنين:

إننا ونحن نكادُ نودِّعُ رمضانَ لينبغيْ أن نحاسبَ أنفُسَنا، فَمَنْ وجدَ نفسَهُ بتوفيقِ الله مُجِدّاً في طاعةِ ربهِ فلْيَحْمَد الله، وليثبُتْ، ولْيَزْدَدْ، ولا يتكاسلْ في نهايةِ المِضْمار، فالعِبرةُ بالخواتيم، ومن وجدَ نفسَهُ مقصِّراً مفرّطاً مضيّعاً فليصلحْ ما مضى بالتوبةِ والندم، وليصلحْ حاضرَه ومُستقبَلَهُ بالطاعاتِ والقربات، واجتنابِ المعاصي والسيئات، والعزمِ الصادق على الاستقامة إلى الممات.

اللهم تقبل منا رمضان، وتجاوز عما كان منا من الخلل والنقصان، وعامِلْنا بجودك وكرمك، وواسعِ إحسانك، يا كريم يا رحيم يا رحمان.

اللهم آمنّا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأنزل النصرَ على جنودنا، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *