العنوان : خطبة عيد الأضحى 1442هـ
الله أكبر الله أكبر – الله أكبر الله أكبر -الله أكبر الله أكبر – الله أكبر الله أكبر – الله أكبر.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
أما بعد
فإن هذا اليوم هو يوم النحر وهو أفضل الأيام عند الله تعالى، قال ﷺ : ” أفضلُ الأيّامِ عندَ اللهِ يومُ النَّحرِ ويومُ القَرِّ” رواه ابن حبان في صحيحه، كما أنكم تستقبلون غداً أيامَ التشريق الثلاثة التي تبدأُ بخيرها وأعظمها، وهو يوم القَرّ، وفي أيام التشريق يقول تعالى (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) وفيها يقول ﷺ : ” يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهُنَّ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ” رواه أحمد، وقال ﷺ : «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وذكر لله» رواه مسلم، ومن معاني فضلِها أن الله تعالى يزيد عباده في إجابة دعواتهم، وقبول أعمالهم، ومضاعفة أجورهم، ومغفرة ذنوبهم، وعتقهم من النار، وما شاء سبحانه وتعالى من نِعمه وآلائه، وصنوف جوده وعطائه. فعظّموا هذه الأيام المباركة الجليلة، وأكثروا فيها من التكبير والتهليل والذكر، وحافظوا على الجهر بالتكبير في أدبار الصلوات المفروضة إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق، وتقربوا إلى الله بذبح الأضاحي، مع الأكل والإهداء والصدقة منها، وافرحوا بنعمة الله وفضله، فإن الأعياد الشرعية أيام فرح وسرور.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله:
إن الله تعالى خلقنا لنعبده وحده ولا نشركَ به شيئاً، كما قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، فمن عبد الله وحده وتبرأ من كل معبود سواه ومات على ذلك دخل الجنة ومن لقي الله وهو يشرك به أحداً كان من أهل النار قال ﷺ «مَنْ لَقِيَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارَ» رواه مسلم، فعظّموا شأن التوحيد وعَضّوا عليه بالنواجذ، واحذروا دعاة الشرك ، الداعين إلى عبادة الأولياء والقبور فإنهم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها قال تعالى {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: اشكروا الله على نعمة الأمنِ والاستقرار، ورغدِ العيش والخيرِ المدرار، وتذكروا أن النعمَ تدوم بالشكر، وتزول بالكفر قال تعالى {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} وقال تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} فالحذرَ الحذرَ من مقابلةِ نعمِ اللهِ بالمجاهرةِ بالفسوقِ والعصيان، والفواحشِ والآثام، فما أهونَ الخلقَ على اللهِ إذا هم عَصَوه، وخالفوا أمرَه وجَفَوه.
عبادَ الله:
إن من أقوى أسبابِ المحافظة على نعمةِ الأمنِ والاستقرارِ بعدَ التوحيد، لزومَ السمعِ والطاعةِ لولاة الأمور في غير معصية الله، واجتنابَ منازعتِهم، فإنّ عامةَ الفتن التي حلّت بالأمة فبدّلتْ أمنها خوفا، وغناها فقرا، واجتماعَها شتاتا،كان سببُها الخروجَ على ولاة الأمور.
وتنبهوا أيها الإخوة إلى إن المحرّضين على ولاة الأمور كثيراً ما يستغلون ما قد يقع من ظلمٍ أو أثَرة أو معاصٍ في تحريض الشعوب، مع أن النبيَّ ﷺ قد سدّ عليهم الطريقَ؛ فلم يجعل هذه المخالفاتِ أعذاراً تبيحُ الثورة عليهم، قال ﷺ «عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ» وقال ﷺ «أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ» رواهما مسلم، فالزموا أمر رسول الله ﷺ ووصيته، فهو خير لكم في دينكم ودنياكم، وفي عاجل أمركم وآجله.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الله أكبر الله أكبر – الله أكبر الله أكبر -الله أكبر الله أكبر – الله أكبر.
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فاتقوا الله واشكروه على ما أعطاكم، واستغفروه من ذنوبكم وخطاياكم، وتفقهوا فيما شرع لكم في يوم العيد وأيام التشريق، فمن تفقه في دينه عبدَ ربَّهُ على بصيرة، ومن المسائل التي يجدُر التنبيهُ عليها:
أولاً: أن الأضاحي لا تجزئُ إلا إذا ذُبحت بعد صلاة العيد فمن ذبح قبل صلاة العيد فهي شاةُ لحم لا شاةُ أضحية. قال ﷺ: «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا، وَنَسَكَ نُسْكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ» متفق عليه. وقال ﷺ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ» متفق عليه.
ثانياً: لا تجزئُ الأضاحيْ إلا إذا بلغتِ السنَّ المعتبرةَ شرعاً، فلا يجزئُ إلا الجذعُ من الضأن، والثنيُّ من الماعز والبقر والإبل.
ثالثاً: لا تجزئ الأضاحي إذا كان بها أحد العيوب الواردة في قوله ﷺ: «لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّحَايَا: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» أي الهزيلة التي لا مُخَّ في عظامِها. رواه أهل السنن.
رابعاً: أيامُ التشريقِ لا يجوز صيامُها إلا للحاج الذي وجب عليه صيام ثلاثة أيام، فمن كان عليه صومٌ يجب فيه التتابع مثلُ كفارة الظهارِ، أو كفارةِ قتلِ الخطأ، فإنه يفطرُ يومَ العيد وأيامَ التشريقِ ثم يتمُّ صومَه، والحمد لله.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واحم حوزة الدين وانصر عبادك الموحدين، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم احفظ الحجاج والمعتمرين ويسر لهم أداء مناسكهم آمنين، واجز حكومة خادم الحرمين الشريفين على ما تقوم من خدمة ورعاية وعناية بالحرمين الشريفين وقاصديهما من الحجاج والعمار والزوار، إنك سميع الدعاء. عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.