العنوان : خطبة عيد الأضحى 1441هـ
الله أكبر الله أكبر – الله أكبر الله أكبر -الله أكبر الله أكبر – الله أكبر الله أكبر – الله أكبر.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70، 71]
أما بعد
فإن هذا اليوم هو يوم النحر وهو أفضل الأيام عند الله تعالى، قال ﷺ : ” أفضلُ الأيّامِ عندَ اللهِ يومُ النَّحرِ ويومُ القَرِّ” رواه ابن حبان في صحيحه، كما أنكم تستقبلون غداً أيامَ التشريق الثلاثة التي تبدأُ بخيرها وأعظمها، وهو يوم القَرّ، وفي أيام التشريق يقول تعالى (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) وفيها يقول ﷺ : ” يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهُنَّ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ” رواه أحمد، وقال ﷺ : «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وذكر لله» رواه مسلم، ومعنى فضلِها أن الله تعالى يزيد عباده في إجابة دعواتهم، وقبول أعمالهم، ومضاعفة أجورهم، ومغفرة ذنوبهم، وعتقهم من النار، وما شاء سبحانه وتعالى من نِعمه وآلائه، وصنوف جوده وعطائه.
فعظّموا هذه الأيام المباركة الجليلة بفعل ما شرع الله تعالى فيها من التكبير والتهليل والذكر، ولا سيما في أدبار الصلوات المفروضة إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق، وبما شرعه فيها من ذبح الأضاحي، مع الأكل والإهداء والصدقة منها، وبما شرعه فيها من الفرح بنعمته وفضله، فإن الأعياد أيام فرح وسرور.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله:
إن الله تعالى خلقنا من أجل التوحيد أي خلقنا من أجل أن نعبده وحده ولا نشرك به شيئاً، كما قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، وإن فيما شُرع لنا في يوم النحر وأيام التشريق ما يذكّرنا بهذا الواجب العظيم الذي خلقنا لأجله، فمن ذلك أن الله شرع لنا فيها ذكره تعالى، ومن الذكر المشروع التكبير والتهليل والتحميد، وكلها تقرر وتؤكد توحيدَ اللهِ تعالى فأما (التكبير): فمعناه أنك تقر وتشهد أن اللهَ أكبرُ من كل شيء، وإذا كان اللهُ أكبرَ من كل شيء فهو إذن المستحق لأن يعبد وحده.
وأما (لا إله إلا الله) فهي كلمة التوحيد ومعناها لا معبودَ حقٌ إلا الله، أي هو المستحق أن يعبد وحده، وما سواه من ملائكة وأنبياء، وصالحين وأولياء، وقبور وأضرحة، وإنس وجن، وشجر وحجر، لا يستحقون من العبادة مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك، قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ).
وأما قولنا (ولله الحمد) فالحمد هو الثناءُ والشكرُ والتعظيمُ والرضى، والله هو المستحق للحمد كله، فله الحمد على أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وله الحمد على ما أنعم وأعطى. فتدبروا هذه المعاني وأنتم تقولون (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد).
ومن شعائر التوحيد التي شرعت لنا في هذا اليوم وأيام التشريق ذبحُ الأضاحي لله تعالى فإن الذبح عبادة عظيمة يكفي في التنبيه على عِظَمِ شأنها عند الله أنه قرنها بالصلاة فقال تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) وقال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.لَا شَرِيكَ لَهُ). فنحن معشرَ الموحدين لا نذبح إلا لله، لا نذبح للجن ولا للشياطين، ولا للأضرحة والقبور، ولا نقدم لها شيئاً من النذور والقرابين. بل نفردُ الله بذبائحنا كما نفرده بالدعاء والركوع والسجود وبسائر العبادات.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الله أكبر الله أكبر – الله أكبر الله أكبر -الله أكبر الله أكبر – الله أكبر.
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الأضاحي لا تجزئ إلا إذا ذبحت بعد صلاة العيد فمن ذبح قبل صلاة العيد فهي شاةُ لحم لا شاةُ أضحية. قال ﷺ : ” «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا، وَنَسَكَ نُسْكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ» متفق عليه، فتأكدوا ممن وكلتموهم بذبح أضاحيكم.
وتأكدوا من بلوغ أضاحيكم السنَّ المأمورَ به شرعاً، وتأكدوا من سلامتها من العيوب المانعة من الإجزاء، روى أهل السنن عنه ﷺ قال: ” لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّحَايَا: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي” أي الهزيلة التي لا مخ في عظامها.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله:
اجتمع في هذا اليوم عيدانِ عيدُ الأضحى ويومُ الجمعة، فمن شهد منكم صلاةَ العيد فهو بالخيار إن شاء صلى الجمعة وإن شاء صلاها ظهراً. لقوله ﷺ «قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ» رواه أبو داود. فالحمد لله على تيسيره.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واحم حوزة الدين وانصر عبادك الموحدين، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم احفظ الحجاج والمعتمرين ويسر لهم أداء مناسكهم آمنين، واجز حكومة خادم الحرمين الشريفين على ما تقوم من خدمة ورعاية وعناية بالحرمين الشريفين وقاصديهما من الحجاج والعمار والزوار، إنك سميع الدعاء.
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.