العنوان : التذكير بالتوحيد والتحذير من الاستغاثة والاستعاذة بغير الله (خطبة مكتوبة)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
أما بعد: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْر الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.
عباد الله: قال تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فبيّن سبحانه وتعالى في هذه الآية أن الشرك بالله هو أعظم الذنوب لأن من لقي الله به لقيه بذنبٍ لا يغفره الله أبداً، ومن لقي الله بكل ذنب ما عدا الشرك فهو تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه ثم أدخله الجنة.
ومن الشرك بالله تعالى الاستغاثةُ والاستعاذةُ بغير الله عند نزول المهمات والكربات، والاعتقادُ بأن بعض الأموات من أهل البيت أو من غيرهم يسمعون دعاء من يدعوهم ويرفعون الضر عمن يستغيث بهم، ويدفعون الأمراض والأوبئة والطواعين فلا تصيب من لاذ بحماهم، وهذا عينُ الشرك الذي بعث الله الرسل والأنبياء بالنهي عنه والتحذير منه وإنذار أهله بالخلود في النار إن لم يتوبوا ويوحدوا الله ويعبدوه وحده.
قال تعالى {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (105) وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (106) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} فأمرنا الله تعالى في هذه الآيات الكريمات أن نخلص الدين له وحده، مقبلين على التوحيد، مائلين منحرفين عن الشرك، وأن نتبرأ من الشرك ومن أهله، وأن نجانبهم ونجانب شركهم، ونهانا أن ندعو غيره، وأخبرنا _وقولُه الحقُ_ أن غيرَ الله لا ينفع ولا يضر، و أنّ من دعا غير الله كان من الظالمين يعني من المشركين، ثم أخبرنا سبحانه أن قضاءه نافذ، وأنه مالك النفع والضر، فمن قَدّر عليه أن يصيبه بشيء من الضر فلا تستطيع قوةٌ في الوجود أن تكشفها إلا أن يكشفها هو سبحانه وتعالى، ومن قَدّر له أن يمنّ عليه بشيء من رحمته وفضله فلا تستطيع قوة في الوجود في أن تحول بينه وبين تلك الرحمة وذلك الفضل. فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. لا راد لفضله ولا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره. فعلقوا قلوبكم بالله وحده وفوضوا أموركم إليه، وتوكلوا عليه، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وأخلصوا الدين لله واحذروا من دعاة الشرك والوثنية والخرافة الذين يستغيثون بالأموات والأولياء والأضرحة، من غلاة الصوفية، والرافضة، ومن سلك مسلكهم ، فقد خالفوا كتاب الله جلّ وعلا، وسنة رسول الله ﷺ ، وخالفوا سبيل النبيين والمرسلين في أصل الدعوة التي بعثهم الله بها وهي إفراد الله بالعبادة، وتركُ عبادة ما سواه. قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} وقال تعالى {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} فالعبادة حق لله وحده لا يشاركه في استحقاقها أحدٌ سواه، ولُبُّ العبادة وخلاصتُها هو الدعاءُ، فمن دعا غير الله تعالى فقد أشرك بالله تعالى إلهاً آخر قال جل وعلا {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}.
نسأل الله تعالى أن يمسّكنا بالتوحيد الخالص وأن يثبتنا عليه إلى أن نلقاه وأن يعيذنا من الشرك كله ظاهره وباطنه وصغيره وكبيره إنه سميع مجيب. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والفواحش ما ظهر منها وما بطن، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين إلى ما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حياك الله شيخ وثبتنا وثبتك على المنهج السلفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا خطب التوحيد والكلام عن التوحيد يحي نفوسنا
نسأل الله من فضله ورحمته .