جديد الإعلانات :

العنوان : فضل التوبة والاستغفار خطبة مكتوبة

عدد الزيارات : 48970

الحمد لله “غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ” وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له “لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسلمياً.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله فإن الله قد حذركم نفسه فقال عز وجل : {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}

وقال تعالى متوعداً أهل معصيته ومرغباً في التوبة والإنابة إليه {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} فتوعد من خالف أمره ببطشه الشديد، ووعد من تاب واستغفر وأناب بمغفرته لذنوبه بل وبمحبته لهم إذا هم فروا إليه واطرحوا بالتوبة والإنابة بين يديه.

عباد الله: إن الله تعالى كما أنه نهى عباده عن الشرك والبدع والفسوق والمعاصي وتوعدهم عليه بالعقوبات المتنوعة العاجلة والآجلة الدنيوية والأخروية فإنه سبحانه قد فتح لهم باب الخلاص منها والنجاة من تبعاتها وذلك من آثار ما سمى ووصف به نفسه من الرحمة والمغفرة فهو الغفور الرحيم سبحانه.

فمن أسباب مغفرة الذنوب التوبة النصوح الصادقة فالتوبة واجبة أوجبها الله على عباده فقال تعالى  {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وقد جاء هذا الأمر بعد أن أمر الله تعالى الرجال والنساء بغض الأبصار وحفظ الفروج ونهى النساء عن التبرج بزينتهن لما سبق في علم الله تعالى من ضعف عباده وأنه لا بد أن يقع منهم النقص والتقصير في هذا الباب كما في غيره فأمرهم بالتوبة وأمرهم بالصدق في التوبة بأن تكون خالصة له ولذا قال (توبوا إلى الله) أي توبوا لابتغاء ثوابه والخوف من عقابه لا رياء ولا سمعة ولا طلباً لحظ من حظوظ الدنيا أو خوفاً من آفة من آفاتها.

ومن تاب صادقاً تاب الله عليه مهما بلغت ذنوبه قال تعالى {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا}  وقال تعالى {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} [الفرقان: 68 – 71]

ومن أسباب المغفرة الاستغفار والإكثار منه في اليوم والليلة وقد أمر الله تعالى عباده بالاستغفار ووعدهم عليه بخير الدنيا والآخرة قال تعالى آمراً بالاستغفار {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199] وقال تعالى  {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}  وقال تعالى على لسان شعيب {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } ووعد الله عباده إذا هم استغفروه صادقين بخير الدنيا والآخرة فقال تعالى { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } [هود: 3] وقال تعالى {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [هود: 52] {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}

وقال تعالى في سياق حديثه عن المتقين {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}

وقد كان نبينا ﷺ وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر الله كثيراً وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: سمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: “واللَّه إِنِّي لأَسْتَغْفرُ الله، وَأَتُوبُ إِليْه، في اليَوْمِ، أَكثر مِنْ سَبْعِين مرَّةً “رواه البخاري. بل كان ﷺ  يزيد إلى مائة مرة فعن الأغر المزني رضي الله عنه قال قال: قال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “يَا أَيُّها النَّاس تُوبُوا إِلى اللَّهِ واسْتغْفرُوهُ فإِني أَتوبُ في اليَوْمِ مائة مَرَّة” رواه مسلم. بل كان ربما استغفر في المجلس الواحد وليس في كامل اليوم مائة مرة فعَنِ ابْنِ عُمر رضِي اللَّه عَنْهُما قَال: كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في المجلِس الْواحِدِ مائَةَ مرَّةٍ: “ربِّ اغْفِرْ لِي، وتُبْ عليَ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ” رواه الترمذي وصححه.

فلنتب إلى الله تعالى ولنكثر من الاستغفار فالذنوب كبيرة والخطايا كثيرة ولكنْ عفوُ الله أعظم وفضل الله أوسع فلنتعرض لفضله وجوده، ورحمته وعفوه. بالتوبة والإنابة وكثرة الاستغفار في الليل والنهار.

أقول هذا القول وأستغفر لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وأنيبوا إليه واستغفروه ثم اعلموا أن من الناس من يجترئ على المعاصي ويقول إن الله غفور رحيم ومنهم من يجترئ على المعاصي ويقول سأقول أو سأفعل ما أخبر عنه النبي ﷺ أن من قال كذا أو فعل كذا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر أو غفر له ما تقدم من ذنبه. وهذا من تغرير الشيطان وذلك أنك إذا فعلت المعصية فلا تدري هل تعيش حتى بعدها حتى تتوب فكم من الناس قبضت أرواحهم وهم في معاصيهم والعياذ بالله.

ثم لو عشت بعد المعصية لا تدري هل توفق للتوبة والاستغفار أم لا، ثم لو استغفرت أو سبحت أو زعمت أنك تبت فهل أنت ضامن أن الله تقبل منك فقد يكون استغفارك عملا باللسان ليس عن قلب وقد يكون استغفارك رياء وسمعة وقد يكون استغفارك خشية من بعض المحاذير كالمرض او الفضيحة أو غير ذلك من المقاصد الدنيوية وليس خالصا لله.

ثم الأهم من ذلك كله أن الحكمة من أدلة رحمة الله ومغفرته ليس تهوينَ المعاصي والتشجيع على فعلها وإنما المقصود منها الترغيب في التوبة والإنابة والاستقامة.

فإذا حدثتك النفس بالمعاصي فذكرها بنصوص الوعيد والغضب والبطش والعذاب والخوف من الله وإذا عصيت الله وحدثتك النفس بالقنوط واليأس من رحمة الله فذكرها بنصوص الرحمة والمغفرة والتوبة والاستغفار وبهذا تستقيم حياتك بين الرجاء في الله والخوف منه.

اللهم اجعلنا ممن يعبدك رغبا ورهبا وكانوا لك خاشعين اللهم أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين إلى ما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

3 comments

  1. موسى ابوبكر

    ماشاالله

  2. اللهم بارك جزاكم الله خيرا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *