العنوان : من أحكام شهر الله المحرم (خطبة مكتوبة)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى حق التقوى كما أمركم الله بذلك في قول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } ثم اعلموا أنه سبحانه جعل عدة الشهور اثني عشر شهرا يوم خلق السموات والأرض، وفاوت بين هذه الأشهر فمنها شهر الصيام ومنها أشهر الحج ومنها الاشهر الحرم، ولله في كل ذلك الحكمة البالغة يعلم ولا نعلم سبحانه وتعالى.
وها نحن في شهر الله المحرم أحد الأشهر الحرم التي قال الله فيها {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} وإذا كانت تقوى الله مطلوبة في كل الأشهر فهي في هذه الأشهر آكد وألزم قال قتادة رحمه الله: “العمل الصالح أعظم أجرا في الأشهر الحرم والظلم فيهنّ أعظم من الظلم فيما سواهنّ، وإن كان الظلم على كل حال عظيما”.
ومما يشرع في هذا الشهر صيامه كله فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ” . رواه مسلم .
فإذا استطاع المسلم أن يفوز بأجر صيام هذا الشهر كله فليفعل، وإن لم يتيسر له فليحرص على صيام عاشوراء لحديث أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: ” يكفر السنة الماضية ” رواه مسلم ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: “ما رأيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يتحرَّى صيام يوم فضَّله على غيره إِلا هذا اليوم : يومَ عاشوراء” الحديث متفق عليه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على صيام عاشوراء قبل أن يشرع صيام رمضان حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أن صومه كان واجباً.
والأفضل لمن أراد صوم عاشوراء أن يصوم معه اليوم الذي قبله، وإن شاء صام معه اليوم الذي بعده لقوله صلى الله عليه وسلم: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) رواه مسلم. والحكمة من سبقه بصيام أو إتْباعه بصيام مخالفة اليهود والنصارى فإنهم كانوا يفردونه بالصوم قال ابن عباس: “حين صام رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم. رواه مسلم.
إخوة الإسلام:
إن الحكمة من تشريع صيام عاشوراء أن يكون صيامه شكراً لله سبحانه وتعالى لأنه يوم نجى الله فيه موسى ومن معه من جند الرحمن، وأغرق فيه فرعون ومن معه من جند الشيطان. وقد صامه النبي ﷺ ورغّب في صيامه فنحن نصومه شكراً لله وتأسياً برسول الله ﷺ.
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان وسلم تسليما
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله ثم إنه إذا عرفنا المشروع فعله في شهر الله المحرم على ضوء النصوص الشرعية فيحسن التنبيه على بعض المخالفات التي تقع من بعض الناس في هذا الشهر فمنها:
أن بعضهم يظن أن للعام الهجري صفحةَ أعمال جديدة تبدأ في محرم وتطوى في ذي الحجة وهذا ظن باطل ليس عليه دليل لأن ابتداء العام الهجري بمحرّم هو تاريخ وضعه عمر رضي الله عنه في خلافته لتأريخ الكتب والرسائل.
ولهذا الظن صار بعض الناس يرسل الرسائل بختم العام الهجري بصيام أو صدقة أو استغفار أو محاسبة للنفس ونحو ذلك.
كما يوصون بافتتاح العام الهجري بعبادة معينة أو دعاء مخصوص مكذوب على رسول الله ﷺ. وهذا كله من تلاعب الشيطان بالناس وترغيبه لهم في البدع والمحدثات.
ومن البدع المحدثة في شهر محرم ما تفعله الشيعة والرافضة من إقامة المآتم والأحزان وضرب الأجساد حزنا _في زعمهم_ على قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، وربما كان أكثر ذلك البكاء والعويل هو من باب التصنع والتمثيل.
وهذا العمل بدعة منكرة ليس من دين الله في شيء، بل هو من النياحة المحرمة فالنبي ﷺ نهى في المصائب عن النياحة وهي رفع الصوت بالبكاء في المصيبة ونهى عن لطم الخدود وشق الجيوب، وهؤلاء يلطمون وجوههم وصدورهم، ويجرحون جلودهم ورؤوسهم، ويزيدون على ذلك إظهارَ سب أبي بكر وعمر وعثمان وأزواج النبي ﷺ ورضي عنهم، والتحريضَ على دماء أهل السنة كفى الله شرهم.
ومن بدع عاشوراء ما كان يفعله بعض الناس من باب المعارضة للشيعة من اتخاذ يوم عاشوراء يوم عيد وفرح وسرور، وكلا الأمرين بدعة وضلالة. فلا يتخذ عاشوراء عيداً ولا يتخذ مأتماً وإنما يصام كما صامه النبي ﷺ ولا يزاد على ذلك.
هذا وصلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين. وانصر عبادك الموحدين.
اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة.
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا واقض ديوننا وفرج همومنا، واشف مرضانا وارحم موتانا برحمتك يا أرحم الراحمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخر حسنة وقنا عذاب النار سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
كيف نطبعها وورد ؟