العنوان : مما يشرع في آخر أيام عشر ذي الحجة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى حق التقوى واعلموا أنكم لا تزالون في الأيام العظيمة أيام عشر ذي الحجة التي قال فيها النبي ﷺ (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه البخاري من حديث ابن عباس، فاجتهدوا عباد الله في الأعمال الصالحة وأكثروا من ذكر الله والصدقة على الفقراء والمساكين وصيام ما بقي منها، وداوموا على تلاوة كتاب الله وتدبره واستكثروا من خصال البر والطاعات والقربات.
عباد الله:
لا تفوتوا على أنفسكم صوم يوم عرفة فقد ثبت عنه ﷺ أنه قال (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) رواه مسلم. لكن من كان في عرفة حاجّاً فإنه لا يستحب له الصيام؛ لأن النبي وقف بعرفة مفطراً، فيا له من عملٍ يسير وأجرٍ عظيم وثوابٍ كبير.
واجتهدوا في التكبير والتهليل والتحميد: لقوله تعالى (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) ولما ورد في حديث ابن عمر السابق: (فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). وقال الإمام البخاري رحمه الله: (كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما). وقال أيضاً:( وكان عمر يكبر في قُبّته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً) ، “وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فُسطاطه، ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً”. والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة. وصفة التكبير أن يقول الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد وإن جاء بغيرها مما ورد فلا بأس. ولكن الممنوع هو أداء التكبير أو التلبية بأصوات جماعية إذ لا دليل عليه. ويبدأ التكبير من دخول العشر إلى آخر أيام التشريق.
عباد الله:
إن ذكر الله تعالى عمل لا كلفة فيه ، ومع ذلك فقد أعد الله للذاكرين والذاكرات أجراً عظيماً قال تعالى (فاذكروني أذكركم) وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} وقال ﷺ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ..” متفق عليه. وقال ﷺ «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأرضاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «ذكر الله» وقال معاذ بن جبل: «ما عمل امرؤ بعمل أنجى له من عذاب الله عز وجل من ذكر الله» رواه ابن ماجه. فأكثروا من ذكر الله لا سيما في هذه العشر وأيام التشريق بالتكبير والتهليل والتحميد.
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن يوم النحر العاشرَ من ذي الحجة هو أحد العِيدَين من الأعياد السنوية التي شرعها الله لأهل الإسلام فاحرصوا على شهود صلاة العيد والجلوسِ لسماع الخطبة ، قال تعالى (فصل لربك وانحر) والصلاةُ هنا هي صلاة العيد، والنحر هو ذَبْحُ الْمَنَاسِكِ؛ على قول جماعة من المفسرين.
ولمكانة صلاة العيد وعظم شأنها فقد واظب عليها النبي ﷺ، بل كان يأمر النساء بالخروج لها، فيستحب لهن الخروج متحجبات محتشمات ويجلسن وراء الرجال وتخرج الحائض وتعتزل المصلى لتشهد الخير والدعاء.
ومن خير ما يتقرب به المسلم لربه يوم عيد الأضحى ذبح الأضحية لقوله تعالى (فصل لربك وانحر) وجمهور أهل العلم على أن الأضحية مستحبة وليست بواجبة. ولا ينبغي لمن قدر عليها _ولو بِدَينٍ يغلب على ظنه القدرة على وفائه_ أن يفرط فيها فهي سنة أبينا إبراهيم ونبينا محمد صلى الله عليهما وسلم
ومن أراد الأضحية ودخلت عليه العشر فلا يأخذ شيئاً من شعره ولا أظفاره فإن نسي فليس عليه شيء وإن تعمد استغفر وتاب ولا يمنعه ذلك من ذبح أضحيته.
والمشروع في لحوم الاضاحي أن يأكل منها ويُهدي ويتصدق قال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}.
معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين اللهم صل وسلم عليه وعلى خلفائه الراشدين وعلى سائر الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى.
اللهم احفظ الحجاج والمعتمرين، ويسر لهم أداء مناسكهم آمنين وأعدهم إلى أهليهم سالمين غانمين يا رب العالمين.
عباد الله، {إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.