العنوان : 16- هجر أهل البدع
قال صلى الله عليه وسلم في القدرية (إذا مرضوا فلا تعودهم وإذا ماتوا فلا تشهدوهم) وسيأتي.
6- وعن كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه في سياق قصة تخلفه عن غزوة تبوك : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة _ يعني نفسه وهلال بن أمية و مرارة بن الربيع _ من بين من تخلف عنه فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة … قال : فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ثم أصلي قريبا منه فأسارقه النظر فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو بن عمي وأحب الناس إلي فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام فقلت يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله فسكت فعدت له فنشدته فسكت فعدت له فنشدته فقال الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار .. حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت أطلقها أم ماذا أفعل قال لا بل اعتزلها ولا تقربها … قال : فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر قال فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر.. ) رواه البخاري ومسلم
راوي الحديث:
كعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري السَلَمي المدني صحابي مشهور وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا مات في خلافة علي ع
التعليق:
1- البدع من أخطر المعاصي التي يعصى الله بها لأنها تغير معالم الدين وشرائعه وحدوده.
ولأن لسان حال محدث البدعة يقول أنا أشرع مع الله تعالى، ويقول إن الدين ناقص فأنا أكمل النقص بهذه البدعة.
ولأن البدعة ذنب لا يتوب منه صاحبه غالباً لأنه يرى نفسه على خير، ولأن صاحبها غالباً لا ينتقل منها إلا إلى شر منها، ولأنها داء لا يكاد يسلم صاحبه من غائلته غالباً حتى لو تاب بقيت فيه منه رواسب إلا ما شاء الله. كما نص على ذلك كله ثلة من أئمة السنة.
2- لما كانت البدع بهذه الخطورة جاءت السنة بمشروعية هجر أهل البدع لمصالح عظيمة ومنها الغضب لله جل وعز ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حيث أدخلوا في الدين ما ليس منه وشرعوا في الدين ما لم يأذن به الله واتبعوا المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ، وضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وتنكبوا طريق محمد صلى الله عليه وسلم وأخذوا عنه ذات اليمين وذات الشمال.
ومنها الإهانة لأهل البدع حيث تعدوا حدود ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم.
و منها الزجر لعموم الأمة أن يقعوا في البدع فإذا رأوا الهجر والغلظة والجفاء في التعامل من أهل السنة كفوا عنها وحذروها وحذروا أهلها.
ومنها الوقاية للهاجر حتى يسلم من غائلة أهل البدع إذ ربما علقت شبهاتهم بقلبه إذا جلس إليهم وخالطهم وسمع منهم.
ومنها أن أهل البدع إذا هجروا امتازوا عن أهل السنة فحذرهم من أراد السلامة لنفسه واجتنبهم أما إذا خولطوا وصوحبوا من قبل أهل السنة اختلط الحال وصعب التمييز وكان في ذلك من الغش ما فيه لأهل السنة ولا سيما عوامهم والناشئة منهم. لأن الناس يقولون لم يجالسه فلان ولم يخالطه إلا وهو على خير فكم يحصل بسبب ذلك من الفتنة.
3- قد يضطر السني إلى مخالطة أهل البدع أو مداراتهم فهذا جائز ولكن الضرورة تقدر بقدرها وعلى هذا يخرج فعل السلف في الرواية عن بعض أهل البدع حيث احتاجوا إلى الرواية عنهم، وكذا فتوى من أفتى من الأئمة بأن أهل السنة في بلد كذا لا يقوون على هجر أهل البدع في بلدهم لضعفهم أو قلتهم.
4- من الأدلة على هجر أهل البدع :
1- قوله تعالى (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) [الأنعام : 68]
2- تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من البدع ومحدثات الأمور في خطبه فإن من لازمها التحذير من أهلها.
3- هجره صلى الله عليه وسلم للثلاثة الذين خلفوا ووجه ذلك أنه إذا كان هجرهم لمعصية والمعصية أهون من البدعة فالهجر للبدعة أولى وآكد.
4- قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)
5- حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سيكون في آخر أمتي ناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه.
6- قوله صلى الله عليه وسلم في القدرية (إذا مرضوا فلاتعودوهم وإذا ماتوا فلا تشهدوهم)
7- هجرُ الصحابةِ لأهل البدع لما ظهرت في زمانهم بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وأمرهم بهجرهم وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النجاة إنما تكون باتباع طريقته وطريقة أصحابه الذين هم أعرف الناس وأعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد أمر عمر بهجر صبيغ لما كان يتتبع متشابه القرآن ونهى الناس عن الجلوس إليه ، وقال ابن عمر عن القدرية (إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني براء منهم وأنهم برآء مني) رواه مسلم. وقال ابن عباس ( لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلوب) وقال عن القدرية (أولئك شرار هذه الأمة لا تعودوا مرضاهم ولا تصلوا على موتاهم) شرح السنة للالكائي. وعلى هذا سار من بعدهم من أئمة التابعين وأتباعهم بإحسان إلى عصرنا هذا.
6- على أهل السنة الحذر من مكايد أصحاب الأهواء الذين يحاولون جاهدين إسقاط شعيرة هجر أهل البدع بالتلبيس والحيل وتقعيد القواعد المضادة للكتاب والسنة ومنهاج السلف الصالح الذي أوصى به أولهم آخرهم وتبع فيه آخرهم أولهم والذي يقوم على الحذر البالغ من أهل البدع واجتنباهم والتحذير منهم.
بوركتم شيخناعلى مابينتم من واجب الدفاع عن السنةونصرتهاوالدفاع عن اهلهاوذم البدع وأهلهاوالتحذيرمنهم وهوكماقال بعض السلف عندي افضل من الجهاد في سبيل الله