العنوان : من ضلال الرافضة في النبي صلى الله عليه وسلم وسنته (6/9)
ليس بيننا وبين الرافضة اتفاق في أصول عظيمة تتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم، فنحن نعتقد أنه خاتم الرسل، وأنه خير الخلق، وأنه لا أحد من الخلق تجب طاعته بفعل كل ما أمر به، وترك كل ما نهى عنه إلا هو صلى الله عليه وسلم، وأن ما قاله في بيان الدين فكله حق لا باطل فيه، قال تعالى (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) وقال تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وقال تعالى (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) وقال صلى الله عليه وسلم (أنا سيد ولد آدم) رواه مسلم والترمذي وغيرهما. وقال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما(اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق) وأشار إلى فيه صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والحاكم والدارمي وغيرهم وإسناده صحيح.
وأما عند الرافضة:
1- فمقام الأئمة ومنازلهم أفضل عندهم مما للنبي صلى الله عليه وسلم ففي بحار الأنوار عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله جعفر بن محمد أنه قال (… كان أمير المؤمنين باب الله الذي لا يؤتى إلا منه وسبيله الذي من تمسك بغيره هلك، كذلك جرى حكم الأئمة بعده واحداً بعد واحد جعلهم أركان الأرض، وهم الحجة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى) بحار الأنوار 25/352
وفي أمالي الصدوق عن علي رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم (أنت خير البشر، ولا يشك فيك إلا كافر) أمالي الصدوق ص 77 . وروى أيضاً في أماليه أن جبريل هبط على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد: “الله العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول محمد نبي رحمتي وعلي مقيم حجتي لا أعذب من والاه وإن عصاني ولا أرحم من عاداه و إن أطاعني) أمالي الصدوق ص 658 .
ويقول الخميني (وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل) الحكومة الإسلامية ص 52 .
2- ومن الخلافات الجوهرية بيننا وبين الرافضة فيما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم أننا نعتقد أن النبوة وخصائصها قد انقطعت بموته صلى الله عليه و سلم كما قال تعالى (ولكن رسول الله وخاتم النبيين) وقال صلى الله عليه وسلم (وختم بي النبيون) رواه مسلم.
وأما الرافضة فإن كلامهم يقتضي بأن خصائص النبوة موجودة في الأئمة وما بقي إلا إطلاق الاسم عليهم ومعلوم أن العبرة بالحقائق لا بالأسماء ، وقد سبق أن علمت أنهم أعطوا أئمتهم خصائص الربوبية والألوهية فلا عجب أن منحوهم كثيراً من خصائص الأنبياء، بل فضلوهم على جميع النبيين والمرسلين وبعض متورعيهم _ لو كان فيهم متورع _ يستثني أولي العزم؟!!، ومن تلك الخصائص التي أعطوها لأئمتهم زعمهم أن الوحي يتنزل عليهم:
فعن ابن أبي حمزة قال سمعت أبا عبد الله يقول: (إن منا لمن ينكت في أذنه وإن منا لمن يؤتى في منامه، وإن منا لمن يسمع الصوت مثل صوت السلسلة يقع على الطست، وإن منا لمن يأتيه صورة أعظم من جبرئيل وميكائيل) بصائر الدرجات ص 232 . وعن أبي عبد الله أن علياً كان على رأس الجبل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اثبت فسمعنا مثل صرير الزجل فقيل يا رسول الله ما هذا ؟ قال : إن الله يناجي علياً) بصائر الدرجات ص 412 . قلت وتقدم ذكر رواية تتعلق بمصحف فاطمة.
3- ومن الخلافات الجوهرية بيننا وبين الرافضة مما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم الخلاف في قضية السنة النبوية، فنحن نعتقد أن الحديث هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة من قول أو فعل أو تقرير كما هو مشهور في كتب المصطلح والأصول، لكنه عند الرافضة: “ما أضيف إلى المعصوم، ثم الصحيح منه ما كان بنقل العدل الإمامي عن مثله” نقله المامقاني عن عالمهم الملقب بالشهيد الثاني. مقباس الهداية في علم الدراية 1/145 .
وعلى هذا فالحديث هو قول النبي صلى الله عليه وسلم، وقول الأئمة المعصومين عندهم لا فرق بين ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما أضيف إليهم فالكل وحي.
ثم أمر آخر وهو أن السنة التي بين أيدينا في الكتب الستة والمسانيد وغيرها من دواوين الإسلام المعتبرة إنما نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله عليهم كالخلفاء الأربعة وأبي هريرة وأمهات المؤمنين وسائر إخوانهم الذين نقلوا لنا شيئاً من السنة على تفاوت بينهم في القلة والكثرة كما هو معلوم، وهذا التراث العظيم لا عبرة به عند الرافضة إذ هم يكفرون كل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا نفراً قليلاً والكافر مطّرح الرواية، وهكذا لا يقبلون مرويات النقلة عن الصحابة لأن عامتهم ليسوا من الإمامية الاثني عشرية، ومرويات من ليس بإمامي مردودة غير مقبولة قال ابن المطهر الحلي: “لا تقبل رواية الكافر وإن علم من دينه التحرز عن الكذب لوجوب التثبت عند الفاسق والمخالف من المسلمين المبتدع إن كفرناه فكذلك ….. و المخالف غير الكافر لا يقبل روايته أيضاً لاندراجه تحت اسم الفاسق” تهذيب الوصول إلى علم الأصول 77-78 .
وإذا كان في كلام ابن المطهر احتمال أن يوجد في غير الإمامية مخالف غير كافر فعبد الله المامقاني يجلي الحقيقة عندهم ويرفع هذا الاحتمال ويقرر بصريح العبارة أن من ليس إمامياً فهو كافر حيث يقول: (الموافق للتحقيق هو أن العدالة لا تجامع فساد العقيدة وأن الإيمان شرط في الراوي ” ويقول أيضاً: “وهو الذي اختاره العلامة في كتبه الأصولية وفاقاً للأكثر لقوله تعالى (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) ولا فسق أعظم من عدم الإيمان والأخبار الصريحة في فسقهم بل كفرهم لا تحصى كثرة” تنقيح المقال في أحوال الرجال 1/207 والإيمان عندهم أصل أصوله الإيمان بالإمامة قال المجلسي في بحار الأنوار (وقال المحقق الطوسي روح الله روحه القدوسي في قواعد العقائد: أصول الإيمان عند الشيعة ثلاثة التصديق بوحدانية الله تعالى في ذاته والعدل في أفعاله والتصديق بنبوة الأنبياء ع والتصديق بإمامة الأئمة المعصومين من بعد الأنبياء). ثم قال معلقا عليه (ولا ريب أن الشيء يعدم بعدم أصله الذي هو جزؤه كما نحن فيه فيلزم الحكم بكفر من لم يتحقق له التصديق المذكور وإن أقر بالشهادتين) بحار الأنوار 8/367 .
وأضرب لك أخي القارئ مثالين الأول لموقف واحد من أعظم أئمتهم في هذا العصر من أكبر محدثي الصحابة وهو أبو هريرة الذي روى من الحديث ما لم يبلغ شأوه فيه أحد من الصحابة وشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالحرص على الحديث فماذا يقول عنه الخميني عليه من الله ما يستحق يقول (والله يعلم كم نال الإسلام من مصائب من علماء السوء هؤلاء من صدر الإسلام إلى اليوم أبو هريرة أحد الفقهاء لكن الله يعلم كم وضع من أحاديث لصالح معاوية وأمثاله وكم سبب من مصائب للإسلام) الحكومة الإسلامية للخميني ص 198 الطبعة الثانية اهـ
أقول : فإذا كانت هذه منزلة مرويات أبي هريرة مع أنه اعتزل الفتنة التي وقعت بين علي ومعاوية ومع كونه أكثر الصحابة رواية للحديث فما ظنك بموقفهم من مرويات غيره إذن، وتفكر أخي كم هي الأحاديث النبوية التي ستطّرح وتهدر إذا أسقطنا مرويات أبي هريرة وحده فضلاً عن مجموع مرويات عامة الصحابة؟!
والمثال الثاني لموقف أحد كبار مشايخهم هذا العصر وهو محمد الحسين آل كاشف الغطاء إذ يقول : (أما ما يرويه مثل أبي هريرة وسمرة بن جندب ومروان بن الحكم وعمران بن حطان وعمرو بن العاص ونظائرهم فليس لهم عند الإمامية من الاعتبار مقدار بعوضة وأمرهم أشهر من أن يذكر كيف وقد صرح كثير من علماء السنة بمطاعنهم ودل على جائفة جروحهم) اهـ أصل الشيعة وأصولها ص 115
فانظر أخي القارئ هذا الموقف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملة سنته مع ملاحظة الخلط الوارد في هذه الكلمة على قصرها، فكيف نمد أيدي التواصل للطعانين في حملة الشريعة ونقلتها وخيار البشرية بعد النبيين والمرسلين؟؟.
ولهذا المعتقد الفاسد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملة العلم عنهم من سادات التابعين فمن بعدهم تجدهم لا يعبئون بدواوين السنة المعتبرة ولا يرفعون بها رأساً يقول علامتهم المجتهد عندهم محمد علي الميلاني في معجم الكلام في تعريف الصحاح قال (هي عندنا الأحاديث المسندة الصحيحة السند إلى المعصومين لكن عند العامة تطلق على الكتب الستة المعتمدة عندهم وهي كما يلي: 1- صحيح البخاري 2- صحيح مسلم 3- صحيح الترمذي 4- صحيح النسائي 5- صحيح ابن ماجة 6- مسند أحمد بن حنبل ؛ وأحاديثها كلها ليست بصحيحة بل فيها الأحاديث الموضوعة والأباطيل المكذوبة) اهـ معجم الكلام ص (205)
وهكذا يهدر الرافضة هذا التراث العظيم الذي جمعه فحول الأمة وأضنوا فيه أجسادهم، وأمضوا فيه أعمارهم وضحوا في سبيل جمعه وتنقيته وتهذيبه بمتع الدنيا ومباهجها، وإذا أسقطت الثقة بهذه الدواوين العظيمة فكيف تدرك أمة الإسلام سنة نبيها صلى الله عليه وسلم ، وتفاصيل ما أجمل في كتاب ربها عز وجل.
4- ومن ضلالهم في هذا الباب أنهم لا يوجبون تصديق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخبر به من أمر الغيب. قال محمد حسن الاشتياني (الرسول إذا أخبر عن الأحكام الشرعية أي مثل نواقض الوضوء وأحكام الحيض والنفاس يجب تصديقه والعمل بما أخبر به وإذا أخبر عن الأمور الغيبية مثل خلق السموات والأرض والحور والقصور فلا يجب التدين به بعد العلم فضلاً عن الظن به) بحر الفوائد 1/267 .
وإذا لم يكن تجويز تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخبر به من أمر الغيب كفراً فما هو الكفر إذاً يا عباد الله؟؟.
5- ومن ضلالهم في هذا الباب اتهامهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة في تبليغ ما أوحي إليه والعياذ بالله يقول الخميني (وواضح بأن النبي لو كان قد بلغ بأمر الإمامة طبقاً لما أمر به الله وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات والمشاحنات والمعارك ولما ظهرت ثمة خلافات في أصول الدين وفروعه) كشف الأسرار للخميني ص 155 نعم إن البون شاسع ومسافة الاختلاف بيننا وبين أصحاب هذه العقيدة كبيرة جداً.