جديد الإعلانات :

العنوان : من صور سوء الأدب مع الله تعالى (خطبة مكتوبة)

عدد الزيارات : 19281

أما بعد:

فإن الأدب من مكارم الأخلاق ومحاسنها كما أن سوء الأدب من مساوئ الأخلاق وسفسافها والله عز وجل إنما بعث نبيه صلى الله عليه وسلم ليتمم محاسن الأخلاق ومكارمها.

فحسن الأدب جالب للخير والسعادة في الدنيا والآخرة وسوء الأدب جالب للخسارة والشقاوة في الدنيا والآخرة.

وأولى شيء بحسن أدبك معه هو الله تعالى الذي خلقك من العدم ورباك بالنعم وذلك بأن تعبده وحده ولا تشرك به شيئاً وأن تطيع أمره وتجتنب نهيه و أن تعظم شعائره فإن عبادة غيره معه مسبة لله وتنقص له جل وعلا لما فيه من تشبيه المخلوق الحقير الضعيف بالله الذي له ما في السموات والأرض. وإذا أردت أن تفهم هذه المسألة فانظر هل يسرك أن يشبهك أحد بكلب أو خنزير الجواب لا بل يؤذيك ويغضبك لأنه انتقصك حين شبهك بمن هو أدنى منك بمراحل. وكذلك حين تصرف العبادة لغير الله فكأنك تقول يا رب هذا المخلوق الفقير الضعيف المربوب مثلك يستحق من العبادة ما تستحق والعياذ بالله.

قال الله في الحديث القدسي (شتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك. ثم قال وأما شتمه إياي فقوله لي ولد فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولداً) رواه البخاري.

وقال تعالى عن تشبيهه بخلقه بنسبة الولد له {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ م نْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}

ومن سوء الأدب مع الله الاستهزاء بالله تعالى أو كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو دينه أو شيء من شعائره فمن سخر أو استهزأ بشيء من ذلك فقد كفر بعد إيمانه والعياذ بالله قال تعالى { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}

ومن ذلك الاستهزاء بحجاب المرأة والحدود الشرعية والجهاد في سبيل الله والاستهزاء بالقرآن والسنة النبوية والاستهزاء باعتماد الرؤية الشرعية في دخول الشهر وخروجه والاستهزاء بلحية الرجل ورفعه إزاره فوق كعبيه.

فهذه الصور المذكورة من سوء الأدب مع الله كلها صور مخرجة من ملة الإسلام والعياذ بالله فاحذروها واجتنبوها ولا تخوضوا مع الخائضين فيها.

أعاذنا الله وإياكم من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه  هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

أما بعد:

ومن صور سوء الأدب مع الله الكلام الذي يكون فيه تهوين لشأن بعض الشرائع من حيث لا يشعر المتكلم ولا يريد كما نشاهده في موسم عيد الأضحى من التندر بالأضاحي بقصد إضحاك الناس مع أن الأضاحي من شعائر الله كما قال تعالى (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله) وشعائر الله حقها التعظيم وكما قال تعالى (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) فننصح أنفسنا وإخواننا بعدم مشاركة الناس فيما يتناقلونه في هذا الباب حتى لا نقع في الإثم والحرج.

ومن صور سوء الأدب مع الله سب الدهر أي سب الأيام والليالي وسب الشهور ونحو ذلك لأن الإنسان لا يسب الدهر لنفسه إنما يسبه لما يقع له فيهمن الحوادث، وما يقع في الدهر من الحوادث إنما هو من تدبير الله وتصريفه ، وفي ذلك يقول الله تعالى في الحديث القدسي (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار) متفق عليه.

وقد صار من عادة بعض الناس إبداء التذمر أو السخرية بشهر شوال لما يحصل لكثير منهم من الضوائق المادية بسبب الإسراف في نفقات رمضان والعيد فلا ينبغي للمسلم أن يفتح على نفسه هذا الباب فإنه إما أن يكون سباً لشوال وإما أن يكون تجريئاً له مستقبلاً على سب شوال وغيره من أيام الدهر فيقع في المحذور.

معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين.

One comment

  1. جزاك الله خير أخي ورضي عنك

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *