جديد الإعلانات :

العنوان : من جرائم الإفساد في الأرض

عدد الزيارات : 3161

أما بعد:
فإن الله تعالى نهى عباده عن الإفساد في الأرض فقال سبحانه (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) أي أن الله تعالى أصلح الأرض ببعثة الرسل وإنزال الكتب وتبيين الشرائع فلا تفسدوا فيها بمخالفة ما أمر الله أن يتبع من دينه الذي ارتضاه لعباده.
أصحلها بالتوحيد فلا تشركوا أصلحها بالطاعة فلا تعصوا أصلحها بالسنة فلا تبتدعوا.
ونهى صالح قومه عن الفساد في الأرض فقال لقومه (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)
ونهى شعيب قومه عن الفساد في الأرض فقال (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)
وهكذا أيضا نهى أهل العلم قارون عن الفساد في الأرض فقالوا له (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) .
إخوة الإسلام:
إن صور الفساد في الأرض كثيرة ومنها:
أولاً:الإشراك بالله تعالى فالشرك هو أعظم فساد في الأرض قال صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله
ولما سئل أي الذنب أعظم قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك. ومن الشرك الاستغاثة أو الاستعاذة بغير الله ومنه الذبح أو النذر لغير الله ومنه صرف الدعاء لغير الله.
ثانياً:الابتداع في الدين فإن الدين كامل لا نقص فيه فمن ابتدع فقد أفسد في الأرض بقدر ما أحدث في الدين من فساد. فالبناء على القبور والعبادة عندها والاحتفالات بالمناسبات الدينية كالمولد أو ليلة الإسراء أو ليلة النصف من شعبان أو التعبد بالأناشيد كل هذا من البدع المحدثة في دين الله.
ثالثاً:تصوير الباطل بصورة الحق وبالعكس كتسمية الإفساد في الأرض بقتل الأنفس المعصومة والخروج على ولاة أمور المسلمين جهاداً في سبيل الله.
ومثل تسمية الرد على أهل البدع والمقالات الباطلة غيبة محرمة يعاب من قام به. مع أن الرد على أهل البدع من أعظم الجهاد في الإسلام بإجماع أهل العلم.
و مثل تسمية من يطعن في ولاة الأمور على المنابر قوالاً بالحق لا يخاف لومة لائم. مع أن هذا الأسلوب هو منهج الخوارج الذي حذر منه الكتاب والسنة وحذر منه السلف الصالح.
رابعاً:إشاعة الفاحشة في المؤمنين ومن صورها إنشاء القنوات التي تحارب الفضيلة وتفشي الرذيلة بما تعرضه من الصور والبرامج التي لا يقرها دين ولا فطرة سليمة.
ومن صورها إدخال هذه القنوات إلى البيوت دون قيد ولا شرط فيطلع أهل البيت نساء ورجالا شيباً وشباباً وأطفالا إلى ما يعرض فيها من السموم فمن فعل ذلك فقد ساهم في إغواء أهل بيته والعياذ بالله.
ومن صورها بيع أصحاب المحلات التجارية لأقراص الألعاب الاكترونية والتي تعرض الصور والرسومات العارية للرجال أو النساء ويساهم الأهل في الإفساد حين لا يراقبون ما تحتويه تلك الألعاب بل كل ما يهم الأسرة هو أن يجد أبناؤهم ما يشغلهم عن الضجيج والإزعاج ليهنأ الأبوان بالنوم.
ومن صور إشاعة الفاحشة خروج المرأة من بيتها غير ملتزمة بالحجاب الشرعي ثم تخالط الرجال في الأسواق والمستشفيات والمتنـزهات وغيرها من المجامع متعطرة متبرجة مائلة مميلة والعياذ بالله.
خامساً:صد الناس عن عقيدة السلف الصالح ومن أساليب الصد عنها أن يقرر على الدارسين في المدارس النظامية الإلزامية الكتب التي تقرر العقائد المبتدعة فتنشأ أجيال كثيرة على غير العقيدة الصحيحة.
ومنها التنفير من كتب العقيدة السلفية ووصفها بالجمود والجفاف والجفاء.
والصد عن العقيدة الصحيحة من أعظم الفساد في الأرض لأن من خالفها كان من الفرق الهالكة في النار والعياذ بالله.
سادساً:الصد عن علماء السنة ، وذلك بوصفهم بالأوصاف المنفرة عنهم كمن يصفهم بأنهم علماء سلاطين أو أنهم علماء مداهنون، أو أنهم علماء دنيا أنهم علماء بالشرع لكنهم جهال الواقع، أو يرميهم بالكبر والتعالي عن الناس إلى غير ذلك من الأوصاف الذميمة. والعلماء يجب أن يوقروا ويحترموا ومن أخطأ منهم فيناصح بالأدب التام.
سابعاً:الخروج على ولاة أمور المسلمين، وتكفيرهم بغير حق واستحلال دماء المعصومين، وإشاعة مقالات السوء عنهم، مما يترتب عليه من الفساد والشرور ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين.
الخطبةالثانية
أما بعد:
لما كان الفساد في الأرض من الجرائم العظيمة ذم الله المفسدين وتوعدهم بأنواع العقوبات. قال تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد)
وقال تعالى (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار)
وقال تعالى (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم).
وقد أنذرنا سبحانه أنه أهلك فرعون وقومه لما أكثروا الفساد يحذرنا أن نصنع مثلما صنعوا فيهلكنا كما أهلكهم (وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد)
أيها الإخوة في الله إن واجبنا تجاه ما يحصل في الأرض من الفساد أن نصلحه بقدر ما نستطيع وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير والأخذ على أيدي السفهاء ومجاهدة الأنفس الأمارة بالسوء وبذلك يكثر الخير ويعظم ويقل الشر ويصغر بإذن الله قال تعالى فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)
اللهم إن نعوذ بك من الفساد في الأرض ومن المفسدين، اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين المصلحين…

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *