العنوان : من أحكام الصيام
أما بعد:
فإن خير ما يستعين به المسلم على أداء العبادات الشرعية أن يتفقه فيها لأن العلم يكشف للمسلم شروط العمل التي لا يصح الا بها فيأتي بها، ويكشف له مفسدات العمل فيجتنبها.
وأحكام الصيام كثيرة ولا يمكن استيعابها في هذا المقام لكن أذكر شيئاً منها على سبيل الاختصار.
أولاً: يقول صلى الله عليه وسلم لا صيام لمن لم يبيته من الليل فالصوم الواجب ومنه صوم رمضان لا بد من تبييت النية من الليل أي قبل الفجر أما من لم ينو الصوم إلا بعد طلوع الفجر فلا صيام له كرجل مسافر عازم على الفطر ثم غير النية أثناء النهار لكونه لم يأكل ولم يشرب فهذا لا يصح صومه.
والنية محلها القلب والتلفظ بها بدعة فلا يتلفظ بها بلسانه بقوله مثلا نويت أن أصوم غداً.
ثانياً:
من رحمة الله تعالى أن جعل للمسلم أعذاراً تبيح له الفطر ومنها ما يحرم معها الصوم وهي ستة أعذار:
العذر الأول : المرض أي الذي يضر معه الصوم أو يشق.
العذر الثاني: السفر بأي وسيلة كانت إذا كان السفر مسافة قصر ولم يقصد به التحايل على الصيام.
الثالث والرابع: الحيض والنفاس.
العذر الخامس والسادس: الحمل والرضاع فإذا خافت الحامل والمرضع على نفسيهما أو على ولديهما أفطرتا ثم قضتا.
العذر السابع: الكبر الذي يشق معه الصوم مشقة بالغة.
العذر الثامن: أن يحتاج إلى إنقاذ نفس معصومة من غرق أو حريق أو حادث سير ولا يتمكن من إنقاذه إلا إذا أفطر فيفطر ثم يقضي.
ثالثاً: يفسد الصيام بحصول إحدى المفسدات التالية:
الأول: الجماع
الثاني: إخراج المني عمدا أما لو خرج في النوم احتلاماً فالصوم صحيح
الثالث: الأكل والشرب عمداً فإن أكل أو شرب ناسياً فليس عليه شيء.
الرابع: استعمال الإبر المغذية والأدوية المأكولة أو المشروبة.
الخامس: الحجامة ومثلها التبرع بالدم.
السادس: تعمد إخراج القيء.
السابع والثامن: الحيض والنفاس فإذا حاضت المرأة أو نفست بطل صومها ولو رأت الدم قبل الغروب بوقت قصير.
رابعاً: من أحكام القضاء:
من افطر بسبب سفر أو مرض أو أفطرت المرأة بسبب حيض او نفاس أو حمل أو رضاع فليس عليهم إلا القضاء
ومن أفطر بسبب عذر دائم لا يزول كالكبير أو المريض مرضا لا يرجى شفاؤه منه فيطعم عن كل يوم مسكيناً لكل مسكين نصف صاع وإن جمع المساكين وأطعهم حتى أشبعهم أجزأه ذلك.
ومن أفطر بسبب الجماع فعليه التوبة والقضاء والكفارة المغلظة وهي عتق رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
ومن أفطر متعمدا بلا عذر فقد ارتكب جرماً عظيماً وعليه مع القضاء التوبة إلى الله تعالى عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان، فأخذا بضبعي، فأتيا بي جبلا وعرا، فقالا: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلق بي، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دما قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم..” صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
الخطبة الثانية:
أما بعد: فهناك مسائل يكثر عنها سؤال الناس في رمضان ومنها:
أولاً: حكم الأكل والشرب عند سماع الأذان. والجواب أن الله عز وجل أمرنا بالإمساك عن المفطرات إذا طلع الفجر فإذا كان المؤذن يؤذن عند طلوع الفجر فلا يجوز الأكل والشرب ومن أكل متعمداً يعتبر مفطراً. وإن كنا لا ندري هل يؤذن على الوقت أم قبله فيقال الاحتياط أن تمسك عند سماعك الأذان فلا تأكل ولا تشرب.
ثانياً: افتى الشيخ ابن باز رحمه الله أن الإبر غير المغذية سواء كانت في الوريد أو في العضل ، وبنج الاسنان واستعمال الفرشاة والمعجون _ مع عدم تعمد وصول المعجون إلى الحلق_ ، وبخاخ الربو وقطرة العين والكحل وسحب الدم للتحليل أنها كلها لا تفطر والحمد لله.
ثالثاً: لا يشترط للصوم الطهارة من الجنابة فلو طلع عليه الفجر وهو جنب من جماع او احتلام فصومه صحيح ويغتسل ويصلي الفجر. قال عائشة رضي الله عنها : ” «أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان ليصبح جنبا من جماع غير احتلام، ثم يصومه» متفق عليه. اللهم فقهنا في دينك وارزقنا صيام رمضان و قيامه إيمانا واحتساباً.
الله يجزيك خيرا
خطب نافعة نسمعها من أكثر من حطيب يستفيدون من خطبكم
فاستمروا كتب الله لكم الأجر