جديد الإعلانات :

العنوان : مقالات نافعة في التوسل …2/5

عدد الزيارات : 1647

(( أنواع التوسل المشروع ))

لايكون التوسل مشروعاً إلا حيث دل عليه الدليل الصحيح من الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح.

ومما دلت النصوص على مشروعيته من أنواع التوسل في الدعاء الأنواع التالية:

1-  التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى :

قال تعالى {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (180) سورة الأعراف والتوسل بالأسماء إما أن يكون على سبيل العموم كما جاء في حديث ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا قال فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها فقال بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها”  رواه أحمد[1].

وإما أن يكون على سبيل الخصوص بأن يتوسل باسم مناسب للسؤال ومنه قوله تعالى (وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم)

ومنه حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم   علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) رواه البخاري[2].

2- التوسل إلى الله بصفاته العلى :

وهو على نوعين أيضاً توسل بعموم صفاته مثل أن تقول:

اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى.

والنوع الثاني أن يكون خاصاً كأن تتوسل إلى الله تعالى بصفة مناسبة للمطلوب

ومنه قوله صلى الله عليه و سلم : “اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي..” رواه أحمد[3] .

وكما يقع التوسل بالصفات الذاتية فكذلك يصلح التوسل بالصفات الفعلية ومنه ما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى قال لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم فقلت بلى فأهدها لي فقال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله قد علمنا كيف نسلم عليكم قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)[4]

فقوله (كما صليت) توسل إليه تعالى بفعله.

3- التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم :

قال تعالى {وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (201) سورة البقرة {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} (53) سورة آل عمران

وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النبي سمع رجلا يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد الصمد فقال لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى) رواه البيهقي[5].

4- التوسل إلى الله تعالى بالعمل الصالح :

ومن أدلته ما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال خرج ثلاثة يمشون فأصابهم المطر فدخلوا في غار في جبل فانحطت عليهم صخرة قال فقال بعضهم لبعض ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه فقال أحدهم اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت أخرج فأرعى ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلاب فآتي به أبوي فيشربان ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي فاحتبست ليلة فجئت فإذا هما نائمان قال فكرهت أن أوقظهما والصبية يتضاغون عند رجلي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء قال ففرج عنهم وقال الآخر اللهم إن كنت تعلم أني كنت أحب امرأة من بنات عمي كأشد ما يحب الرجل النساء فقالت لا تنال ذلك منها حتى تعطيها مائة دينار فسعيت فيها حتى جمعتها فلما قعدت بين رجليها قالت اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت وتركتها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة قال ففرج عنهم الثلثين وقال الآخر اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرا بفرق من ذرة فأعطيته وأبى ذاك أن يأخذ فعمدت إلى ذلك الفرق فزرعته حتى اشتريت منه بقرا وراعيها ثم جاء فقال يا عبد الله أعطني حقي فقلت انطلق إلى تلك البقر وراعيها فإنها لك فقال أتستهزئ بي قال فقلت ما أستهزئ بك ولكنها لك اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فكشف عنهم[6].

5- التوسل إلى الله تعالى بإظهار الضعف والحاجة إليه :

ومنه قول موسى فيما أخبر الله عنه {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (24) سورة القصص وقول زكريا {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} (4) سورة مريم

6- التوسل إلى الله بالاعتراف بالذنب والإقرار بالنعمة :

ومنه قول آدم وزوجه {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (23) سورة الأعراف ومنه قول يونس ذي النون {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (87) سورة الأنبياء ومنه حديث شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:”سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة” رواه البخاري[7].

7- التوسل إلى الله تعالى بطلب الدعاء من الصالحين الأحياء الحاضرين :

ومنه قول إخوة يوسف {قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} (97) سورة يوسف {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (98) سورة يوسف وأحاديث الاستسقاء حيث طلب الصحابة من الرسول أن يستسقي لهم ومنه قول الرسول صلى الله عليه و سلم بعد أن ذكر أويس القرني ” من لقيه منكم فليستغفر لكم” رواه مسلم[8] .

ومنه قول عكاشة بن محصن في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب: ادع الله لي يا رسول الله أن يجعلني منهم فقال: “اللهم اجعله منهم ” متفق عليه[9].

وينبغي لمن طلب من صالح أن يدعو له أن ينوي أن ينتفع الداعي أيضاً لأن الداعي إذا دعا أجر وقال له الملك ولك بمثله ولأن طلب الدعاء المحض يدخل في المسألة المذمومة عند بعض أهل العلم.

وللحديث بقية إن شاء الله  ؛؛

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

علي بن يحيى الحدادي

الرياض

______________________________________

[1] – مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 1 ص 391

[2] – صحيح البخاري ج 5 ص 2331

[3] – مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 264

[4] – صحيح البخاري ج 3 ص 1233

[5] – السنن الكبرى ج 4 ص 394

[6] – صحيح البخاري ج 2 ص 771

[7] – صحيح البخاري ج 5 ص 2323

[8] – صحيح مسلم ج 4 ص 1968

[9] – صحيح البخاري ج 5 ص 2189 مسلم 1/ 197 ح 216

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *