جديد الإعلانات :

العنوان : ?كيف نغتنم شهر رمضان

عدد الزيارات : 5616

كيف نغتنم شهر رمضان*؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره   ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لاشريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله

(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون)

(يا أيها الناس  اتقوا ربكم  الذي خلقكم من نفس واحدة  وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)

(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)

أما بعد:

 فإن الله  عز وجل   لم يخلقنا عبثا ولم يتركنا سدى إنما خلقنا لحكمة عظيمة وهي عبادته وحده  سبحانه قال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) أي إلا ليفردوه بالعبادة،  ولم يتركنا سدى بل كلفنا  بالتكاليف الشرعية قال تعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) فنحن في دار اختبار وامتحان يمتحننا الله عز وجل فيها حتى يتبين المطيع من العاصي  ،  وبعد دار الاختبار داران درا الانتظار ثم دار القرار فصارت الدور ثلاث:

الدار الأولى- هذه الدار التي نحن فيها وهي دار الاختبار

الدار الثانية- دار البرزخ  وهي عبارة عن دار انتظار إلى يوم البعث

الدار الثالثة- الدار الآخرة  وهي دار القرار التي لاتحول بعدها إما في الجنة وإما في النار

فالعاقل هو الذي يجتهد في هذه المرحلة في دار الاختبار حتى ينجح ويفوز ويسعد فيما بعد ذلك

والعبادة التي خلقنا الله عز وجل لها هي عبادة مقيده فليس كل ما رآه الإنسان عبادة  يكون كذلك وإنما العبادة هو  ما شرعه الله سبحانه عز وجل لنا في كتابه أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولهذا يقول بعض أهل العلم في تعريف العبادة  ( اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة)

قال الشيخ حافظ (ثم العبادة هي اسم جامع ## لكل ما يرضى الإله السامع)

فإذا كان الأمر كذلك فهذا يوجب علينا أن نتفقه في الدين حتى نتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بما شرع ونحذر من أن نتقرب إليه سبحانه  بالبدع والمحدثات.

إن العبادة  بعبارة أخرى لا تقبل إلا إذا توفر فيها شرطان اثنان:

الشرط الأول- الإخلاص لله سبحانه وتعالى قال تعالى(فاعبد الله مخلصا له الدين)

الشرط الثاني- المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ترويه عائشة أم المؤمنين(من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) متفق عليه  واللفظ لمسلم  أي مردود على صاحبه لايقبله الله عز وجل منه

 ومن العبادات العظيمة التي شرعها الله عز وجل عبادة الصيام وهو الإمساك عن الطعام والشراب والشهوة من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس تعبدا لله عز وجل وهذا الصوم ينقسم إلى قسمين-

1- صوم فرض

2- صوم نافلة

وأعظم أنواع الصيام صيام شهر رمضان لأنه ركن من أركان الإسلام

نسأل الله أن يوفقنا لصيامه وقيامه إيمانا واحتسابا

هذا الشهر الكريم موسم عظيم ينبغي لكل مسلم أن يغتنمه أحسن اغتنام وان يستغله أحسن استغلال وان يحذر من التفريط والتضييع فيه.

هو موسم مبارك موسم عظيم من المواسم التي يضاعف الله عز وجل فيها الحسنات والثواب على الأعمال الصالحة- ومن رحمة الله سبحانه وفضله أن جعل الحسنة بعشر أمثالها دائما ليس في شهر رمضان فقط  وإنما إذا عمل العبد حسنه  فإن الله عز وجل يكتب له بتلك الحسنه  عشر حسنات (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (الأنعام:160)  ثم بعد ذلك أيضا قد يضاعف الله عز وجل هذه العشر إلى أكثر من ذلك إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة لايعلمها إلا هو (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:261)  وهذا راجع إلى أمور ومن أهمها الإخلاص وإحسان العبد في إسلامه فكلما عظم الإخلاص  وقوي الإيمان كانت المضاعفة أكبر وأعظم ولكن في شهر رمضان تزيد المضاعفة أكثر مما يكون في غيره من بقية الشهور والأيام في الجملة.

*كيف نستغل شهر رمضان؟

نستغله في اغتنام لحظاته فيما يقربنا إلى الله سبحانه وتعالى ولا سيما في العبادات التي شرعها الله وحث عليها ومنها:

أولاً: الصيام.

صيام رمضان فرض فرضه الله تعالى على عباده من هذه الأمة في السنة الثانية للهجرة في شعبان  فصام النبي صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات حتى توفاه الله عز وجل إليه.   وفي بيان شأن صيام رمضان ومنزلته من الدين    قال صلى الله عليه وسلم(بني الإسلام على خمس شهادة أن لااله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله).

فأعظم أنواع الصيام صيام شهر رمضان لأنه أحد أركان الإسلام الخمسة.

 والصوم من العبادات التي شرعها الله عز وجل على الأمم السابقة  وهذا يدل على أنه من أصول العبادات فبعض العبادات تكون مشتركه بين الأمم وبعض العبادات تكون خاصة بأمة دون أخرى والصوم من العبادات العظيمة العامة التي شرعها الله على من قبلنا قال تعالى (يا آيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فبين سبحانه وتعالى أنه فرض علينا الصوم مثل مافرضه على من قبلنا_ كتب بمعنى فرض _ ثم بين الحكمة لماذا فرضه علينا؟ قال(لعلكم تتقون) أي من أجل أن تتقوا الله سبحانه وتعالى وهذا يبين لنا الحكمة من مشروعية الصيام وهي تحقيق تقوى الله سبحانه وتعالى.

 كذلك مما يدل على عظم شان الصيام قوله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه) وفي رواية(وما تأخر) وفضل الله عز وجل واسع فهذا يدل على أن صيام رمضان من أسباب مغفرة الذنوب فكما أن فيه أجراً  فكذلك  فيه تكفير للذنوب والسيئات والحمد لله

ومعنى قوله(إيمانا واحتسابا)

إيمانا :أي يؤمن بأن الله فرض عليه صوم رمضان فهو يصوم امتثالا لأمر الله

احتسابا : أي يريد من وراء صيامه الأجر والثواب من الله لايريد أن يمدحه الناس ويثنوا عليه.. لا يصوم على أنه عادة إنما يصوم وهو مستحضر أنه يتقرب إلى الله عز وجل.

ومما جاء أيضا في فضل الصيام قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة (الصوم جنه) رواه البخاري . جنة بضم الجيم أي وقاية.  فالترس الذي يستخدمه المقاتل في المعركة يسمى جنة لأنه يحميه ويحرسه من ضربات العدو0 كذلك الصوم جعله الله جنه أي  وقاية يتقي به العبد من نار جهنم لكن ينبغي العناية بهذا الترس أن لا يضعفه و يوهي قوته ومتانته بمعصية الله تعالى.

و مما جاء في فضل الصيام ما جاء في الصحيح من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال( إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) متفق عليه

والمقصود بالصائمين الذين  استكثروا من الصوم صوم الفريضة وصوم النافلة فهؤلاء يدعون من باب الريان وانظر إلى الاسم سماه الله عز وجل الريان  مشتق من الري ضد العطش والظمأ لأن الجزاء عند الله من جنس العمل فلما كان الصائم في الدنيا يتعرض إلى العطش الشديد  لا سيما في أيام الصيف حين  يكون الحر شديداً والنهار طويلاً  فالله عز وجل يعوضه يوم القيامة بأن يدخله الجنة من هذا الباب فلا يذوق بعد ذلك ظمأ أبداً فهذا لاشك أنه فضل عظيم يدل على فضل الصيام وعظيم ما ادخر الله عز وجل لأصحابه.

 أيضا يقول سبحانه وتعالى(كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) قال وكيع هي أيام الصوم – وقوله (كلوا واشربوا) هذا  أمر  إكرام يقصد به الامتنان عليهم بما هيأ لهم من نعيمه     ( كلوا واشربوا هنيئا) لا مكدر فيه ولا منغص ، بأي شيء نالوا هذه الكرامة؟ قال(بما أسلفتم في الأيام  الخالية) أي في أيام الدنيا حيث قدمتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ما قدمتم ومنها الصيام.

كذلك مما جاء في فضل الصوم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي(كل عمل ابن آدم له )في روايه(الحسنة بعشر أمثالها) أي كل عمل ابن ادم قد بين الله تعالى له المقدار الذي فيه من الأجر الحسنة بعشر أمثالها- قال(إلا الصوم فإنه لي وإنا اجزي به)أي جعلت جزاءه مخفياً لا يعلمه أحد إلا الله سبحانه وتعالى، وقال تعالى(إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) ولا شك أن الصوم من أعظم أنواع الصبر

ثم قال صلى الله عليه وسلم  (الصيام جنه) كما تقدم أي وقاية من العذاب

ثم قال( فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فان سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم) هذا فيه إشاره  إلى  ما ينبغي أن يكون عليه الصائم من الالتزام بهذا الأدب الرفيع لاسيما كما قلنا إن الصائم يتعرض إلى الجوع والعطش وإلى شي من النصب والتعب وقد تضيق نفوس كثير من الناس فيبادر إلى المسابة والمقاتلة  فالنبي صلى الله عليه وسلم يوجه هذه الأمة إلى التزام الأدب وعدم الانقياد وراء نزغات الشيطان ونزعات النفس الأمارة بالسوء.

قال(فلا يرفث) أي لا يتكلم بالكلام السيئ

(ولا يصخب) الصخب رفع الصوت وإن اعتدى عليك أحد بالسب أو الشتم (فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم) يجهر بصوته حتى ولو كان الصوم نافلة  حتى يترك المقابل له ما هو فيه من العدوان (فليقل إني صائم) أي إن الصوم هو الذي يمنعني أن أرد عليك الخطأ بمثله

ثم قال عليه الصلاة والسلام (والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) خلوف فم الصائم هو الرائحة السيئة التي تنبعث من الجوف بسبب خلو المعدة وفراغها من الطعام –هذه الرائحة في الدنيا مستكرهه عند الناس ولكنها عند الله طيبة  أطيب من ريح المسك الذي هو  أحسن الطيب وأطيبه لكونها أثر عبادة .

ثم قال صلى الله عليه وسلم(للصائم فرحتان يفرحهما فإذا أفطر فرح _أي بفطره_ وإذا لقي ربه فرح بصومه)

فإذا أفطر فرح بالأكل والشرب بعد الجوع والعطش، أيضا يفرح بما يسر الله له من إتمام صيام هذا اليوم.  وإذا لقي ربه بعد الموت فرح بلقاء ربه لما يرى من الكرامة العظيمة التي أعدها الله له بسبب صومه

أيضا يقول صلى الله عليه وسلم( الصيام جنة وحصن حصين من النار).

ويقول عليه الصلاة والسلام(ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)

فإذا صام المسام رمضان وأمد الله في عمره حتى أدرك رمضان الأخر وصامه فان الله عز وجل يكفر له ما بينهما لكن لاحظ إلى القيد (ما اجتنبت الكبائر) كبائر الذنوب كالسرقة ،شرب خمر، الزنا ونحو ذلك من الكبائر فإذا اجتنب المسلم الكبائر وصام رمضان ثم أدركه رمضان الآخر وصامه فإن الله عز وجل يكفر له  ما بينهما من صغائر الذنوب

أيضا تستثنى الذنوب التي لها تعلق بحقوق الآدميين مثل الغيبة و أخذ أموال الناس بغير حق  ونحو ذلك فلا بد من رد الحقوق إلى أصحابها أو استحلالهم منها.

تنبيه:

بعض أهل العلم يقول لا يشترط  استحلال الشخص الذي اغتبته إلا إذا بلغته الغيبة أما  إذا لم تبلغه  فبعض العلماء يقول إنه يتو ب فيما بينه وبين الله عز وجل ويكفي، كما أن بعضهم يشترط في الاستحلال  الأمن من ترتب مفسدة أكبر لأن بعض الناس لو أخبرته بما قلت فيه حصل بسب ذلك فتنة كبيرة فلا تستحله ولكن تستغفر وتتوب وتذكره بالخير مقابل ذكرك له بالسوء.

وفضائل الصوم كثيرة جداً وما ذكرت فهو إشارة إلى شيء منها.

ثانياً:  الإكثار من قراءة القران الكريم:

وذلك أن هناك علاقة وطيدة بين القران الكريم وبين شهر رمضان والسبب في ذلك أن الله انزل القرآن في شهر رمضان

يقول ابن عباس رضي الله عنه فيما صح عنه إن القران أنزل إلى السماء الدنيا كله في شهر  رمضان

وبعض أهل العلم يقول__ إنما المقصود من قوله(شهر رمضان الذي انزل فيه القران)أي ابتدأ نزوله في شهر رمضان في ليلة القدر

وأول  ما جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء وقال له اقرأ قال ما انأ بقارئ قال اقرأ قال ما أنا بقارئ قال اقرأ قال ما أنا بقارئ قال (اقرأ باسم ربك الذي خلق) فأول  مانزل من القران كان تلك الليلة ليلة القدر وكانت في شهر رمضان

قال تعالى(شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)

وكان جبريل ينزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان فيعارضه القران أي يراجع معه القران كاملا ولما كانت  آخر سنة صامها النبي صلى الله عليه وسلم وهي سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة عارضه فيها القرآن مرتين تأكيداً وتثبيتاً

فينبغي للمسلم أن يكثر من قراءة القران في رمضان قدر الاستطاعة ولهذا فهم السلف الصالح هذا الأمر وكانوا يكثرون من قراءة القرآن جدا

قال الإمام الزهري أحد كبار علماء التابعين وأحد الأئمة (إذا جاء رمضان فإنما هو قراءة القران وإطعام الطعام)

وكان مالك ابن انس إمام دار الهجرة إذا دخل الشهر أوقف دروس الحديث واقتصر على قراءة القران الكريم  من المصحف فيما يروى عنه

فقراءة القران الكريم من أجلّ الأعمال الصالحة قال تعالى(الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور) وكان مطرف بن عبدا لله بن الشخّير يقول_هذه آية القراء_

وقال تعالى(كتاب أنزلناه إليك مبارك) وصفه بالبركة وهي الخير الكثير.

وأما في السنة النبوية فالأحاديث الواردة في فضل تلاوة القران الكريم كثيرة جدا قال عليه الصلاة والسلام(من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنه الحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) رواه الترمذي

ويقول صلى الله عليه وسلم(اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)  رواه مسلم

ويقول أيضا(يقال لقارئ القران يوم القيامة اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فان منزلتك في الجنة عند آخر آية كنت تقراها)

ويقول صلى الله عليه وسلم(مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل أترجه ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل المنافق الذي يقرا القران كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لايقرا القران كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر) متفق عليه

فالمؤمن الذي يقرا القران وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأحسن وصف وهو  طِيْب الظاهر وطِيْب الباطن وهذا  لاشك فيه حث عظيم على قراءة القران

ويقول عليه الصلاة والسلام( مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت)  و عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال (لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) أي اعمروا البيوت بقراءة القرآن ولا تجعلوها كالمقابر إشارة إلى أنه لا يجوز قراءة القرآن في المقابر بخلاف ما يفعله كثير من الجهال اليوم من قصد قراءة القرآن عند القبور.

وكما حث النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة القران مطلقا فقد حث على سور معينه يكثر المسلم من قراءتها مثل سورة الفاتحة- قل هو الله احد- المعوذتين- سورة البقرة- آية الكرسي- أواخر سورة البقرة- سورة البقرة وال عمران  هذه جاءت فيها أحاديث بخصوصها تحث على قراءتها والعناية بها

فعلى المسلم أن يكثر من قراءة القران الكريم إذا كان يحسن القراءة يقرأ نظراً أو كان يحفظه يقرأه غيباً فإذا لم يكن يحسن القرآءة يستمع إلى قراءة القران لأن المستمع مثل القارئ  قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبدا لله ابن مسعود (اقرأ علي) قال اقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال(إني أحب أن أسمعه من غيري) فقرأ عبدا لله بن مسعود من أول سورة النساء حتى إذا وصل إلى قوله(فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال- حسبك- يقول ابن مسعود فرفعت إليه بصري فإذا عيناه تذرفان صلوات الله وسلامه عليه أو كما قال.

فيكثر المسلم من قراءة القران في هذا الشهر مع العناية بالقرآن دائما

تنبيه:   إذا حاضت المرأة   فبعض العلماء يقول لايجوز لها أن تقرأ –ومنهم من يقول يجوز لها القراءة من غير أن تمس المصحف لأن حديث منع الحائض من قراءة القران  ضعيف لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة المدني ورواية إسماعيل عن الحجازيين والعراقيين ضعيفة – فلا بأس للمرأة أن تقرأ القران ولو كانت حائضاً لكن دون أن تمس المصحف لحديث (لا يمس القرآن إلا طاهر)

ثالثاً:   إطعام الطعام والصدقات بأنواعها

يقول ابن عباس : (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه و سلم أجود بالخير من الريح المرسلة) متفق عليه

فكان النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان من أشد الناس إنفاقا وصدقة وإطعاماً لطعام ونحو ذلك قال عليه الصلاة والسلام( من فطر صائما كان له مثل أجره) فيحرص المسلم على الصدقة ولو بالقليل مما يمكن للمسلم أن يتصدق به – طرق سائل على عائشة الباب فما كان بين يديها إلا عنبة واحده فأرسلت الخادم وقالت إعطيها. تعجبت الخادم  وقالت عنبة واحده؟ فقالت عائشة_كأنك تتقالينها؟_قالت نعم أي وماذا   تفعل عنبه ؟ فنبهتها عائشة إلى مسألة عظيمه قالت__كم ترين فيها من مثاقيل الذر؟__

قال تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) فإذا كان الميزان عند الله بمثاقيل الذر أصغر الأجزاء فلا ينبغي أن يتقال المسلم شيئاً من الخير مهما كان.

 واذا صنع المسلم طعاما يهدي لجيرانه حث النبي صلى الله عليه وسلم نساء المسلمات على أنه  إذا طبخت مرقه أن تكثر ماءها وأن تهدي إلى جيرانها لم يقل تتصدق والهدية تكون على غني أما الصدقة فعلى فقير والمقصود بالغني أي من ليس بفقير

فعلى المسلم أن يجتهد في البذل بما يستطيع من وجوه الخير ، في بيوتنا كثير من الأمتعه الزائدة من لباس وأواني وغير ذلك فهذا الشهر فرصة للتصدق بها على المساكين والمحتاجين فيتفقد المسلم إخوانه ويتلمس حاجاتهم

والمقصود أن نحرص على أمور الخير ولو كانت قليلة يسيرة فإنها عند الله ذات منزله كبيره وعظيمه

رابعاً:  قيام رمضان

قال صلى الله عليه وسلم (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه) فإذا قام المسلم الشهر ولكن بالشرط_إيمانا واحتسابا_ غفر الله   له ماتقدم من ذنبه وهذا القيام ليس شرطاً أن يكون في المسجد لكن المقصود أنك تقوم هذا الشهر فإذا كان رجلا وصلى في المسجد فأفضل وإذا كانت امرأة فصلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في المسجد ولو صلت المرأة في المسجد فلا حرج قال صلى الله عليه وسلم (لاتمنعوا إماء الله مساجد الله ) ولكن هناك قيود وشروط للمرأة أثناء خروجها للمسجد ومن القيود التي جعلها الله عز وجل للمرأة  حفاظا عليها وصيانة لها أن تخرج متحجبة الحجاب الشرعي بمعنى أن تغطي جميع بدنها بلباس ساتر  لا يبين تفاصيل جسدها، أيضا لا تمس طيباً ، تبتعد عن مزاحمة الرجال ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى بين النساء والرجال اختلاطاً في حال الخروج من المسجد قال(يامعشر النساء تأخرن فانه ليس لكن أن تحققن الطريق) فكانت النساء يمشين في جنبات الطريق – يقول الراوي حتى إن المرأة كان ثوبها يلتصق في الجدار من شدة لصوقها به هكذا كان امتثالهن رضي الله عنهن لأمر النبي صلى الله عليه وسلم

أيضا بعض النساء تخرج إلى المسجد مع سائق ليس معها أحد غير السائق فتذهب إلى طاعة لكن ترتكب معصية وبعض النساء تريد فعل الخير فتبخر المسجد فتخرج المرأة وقد علق بها الطيب وهذا غلط.

 خامساً: الاعتكاف

الاعتكاف لا يكون إلا في  مسجد قال تعالى (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) اخذ العلماء من هذه الآية أن الاعتكاف لايكون إلا في المساجد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر كلها كان أولاً يعتكف العشر الأوسط من شهر رمضان فلما أراد أن يخرج قيل له إن ما تبتغي أمامك  _أي الشي الذي تنتظره وهي ليلة القدر_لاتزال أمامك فاعتكف النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر ثم استمر على هذا  فكان يصلي الفجر يوم الحادي والعشرين ثم يدخل معتكفة ولا يخرج حتى ينتهي الشهر ولما مات عليه الصلاة والسلام اعتكف أزواجه من بعده فأخذ العلماء من ذلك انه لا بأس أن تعتكف المرأة في المسجد ولكن اعتكاف المرأة ليس مثل اعتكاف الرجل اعتكاف المرأة يعرضها للخطر، للفتنة منها أو الفتنة بها  ولهذا ينبغي للمرأة أن تنظر وتحتاط في  هذا الجانب ولهذا بعض العلماء يشترط لجواز  اعتكافها أن يكون زوجها معها أو احد محارمها كل ذلك من باب الصيانة والحراسة لها وأن  يكون في مكان مستور لا تتكشف فيه   المقصود أن المرأة إذا أرادت أن تعتكف فلتحرص أن لا يكون اعتكافها سبباً لتضييعها لزوجها ولأولادها ولشؤون بيتها، أيضا  لا يكون اعتكافها فيه الفتنه وظهور العورة والخلوة بأجنبي عنها عليها أن تعتني وتحتاط لهذا الأمر

 فينبغي للمرأة إذا أرادت أن تعتكف أن تحتاط فإذا وجدت من نفسها أنه قد يدخل عليها خلل في الاعتكاف فقيامها ببيتها وأولادها خير لها قال عليه الصلاة والسلام(وأقرب ما تكون المرأة من رحمة ربها في قعر بيتها) فهذا خير مكان للمرأة قال تعالى(وقرن في بيوتكن).

وللاعتكاف أحكام كثيرة ينبغي لمن أراده مراجعتها حتى يتحقق المقصود من تشريعه، فإن من الشباب _ خاصة _ من يكون اعتكافه وبالاً عليه بسبب إضاعته الأوقات الثمينة في المنام والكلام وتبادل الأحاديث، أو الخلوة بالمردان والفتنة بهم والعياذ بالله، أو يكون فرصة يقتنصها الحزبيون لبث أفكارهم الفاسدة في أذهان الأغرار تحت ستار الاعتكاف.

نسأل الله أن يبلغنا رمضان وأن يرزقنا صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه عنا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* _ محاضرة ألقيت عبر الهاتف في شعبان 1428هـ ثم أعدت فيها النظر وأضفت بعض الفقرات وحذفت أخرى، وجزى الله خير الجزاء من قام بتفريغها وأحسن إليه والله الموفق.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *