العنوان : فضل الصدقة والتحذير من قضية خطيرة..
أما بعد:
فإن الإنفاق في سبيل الله من أفضل القربات كما قال تعالى ({مثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 261، 262]
وقال تعالى { وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 22]
وقال تعالى {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} [الحديد: 7]
فهنيئاً لمن أنفق وتصدق وبذل من كسب طيب ومال حلال ، يريد بنفقته وجه الله لا يريد بها رياء ولا سمعة فإن المؤمن إذا أنفق نفقة يبتغي بها وجه الله وكان ما أنفقه من كسب طيب مباح تقبلها الله بيمينه ونماها لصاحبها كما قال تعالى عن نفسه الكريمة (ويُرْبـِيْ الصدقات) أي ينميها ويثمرها ويكثرها وقد أوضح ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ” لاَ يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ، إِلاَّ أَخَذَهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ ، أَوْ قَلُوصَهُ ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ ، أَوْ أَعْظَمَ” متفق عليه من حديث ابي هريرة واللفظ لمسلم.
إن وجوه الإنفاق تبرعاً وتطوعاً لا تعد ولا تحصى ومنها الصدقة على الفقراء وإذا كانوا أقارب أو جيران أو شديدي الحاجة كان الأجر فيهم أكثر..
ومنها الإنفاق في مصالح المسلمين كبناء المساجد والمساهمة فيها وطباعة المصاحف وتوزيعها وطباعة كتب العقيدة السلفية وكتب العلم الشرعي النافع ونشرها وتيسيرها لطلاب العلم.
وحفر الآبار في المناطق المحتاجة لها وبرادات المياه للعابرين فمن شرب منها من إنسان أو دابة أو استقى منها فلك به أجر.
ومنها إعانة المعسرين بقضاء ديونهم أو قضاء بعضها أو إعانة المتزوجين العاجزين عن بعض المهر.
ومنها إعانة المصابين والمبتلين والمشردين عن ديارهم بسبب الحروب أو الكوارث العامة كالفيضانات والبراكين والزلازل ونحوها فإنهم غالباً يكونون بأشد الحاجة إلى المال والطعام والشراب والدواء والخيام والمساكن التي تقيهم الحر والبرد والمطر والريح وتستر عوراتهم وتحفظ أعراضهم.
ومنها إعانة المجاهدين فإن الجهاد يحتاج إلى المال لشراء السلاح وتزويد المقاتلين وفك الأسرى وغير ذلك من الحاجات التي لا تكاد تتهيأ إلا بالمال. وغالب القرآن قدّم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس لتعدد منافعه ولأن أكثر الناس _ والله أعلم _ يسهل عليه الجهاد بالمال ويشق عليه الجهاد بالنفس.
ومن تلك الآيات الكريمات قوله تعالى ({وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (} [التوبة: 41] وقوله تعالى ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [الصف: 10، 11] وقوله تعالى ({فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } [النساء: 95]
فمتى كان الجهاد جهاداً شرعياً كانت الإعانة عليه من اعظم القربات.
إخوة الإيمان:
لقد دلت أدلة القران والسنة على أن الصدقة برهان على إيمان العبد وأنها تطفئ غضب الرب وأن العبد في ظل صدقته يوم القيامة وأن إنفاق نصف تمرة قد العبد عذاب الله وسخطه وأنها سبب عظيم لنماء المال وزيادته وأنها سبب في العافية والمعافاة.
فأنفق يا عبد الله ينفق الله عليك وأنفق يا عبد الله تلق ما أنفقته أمامك يوم تخلّف دنياك كلها وراءك.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ({فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)} [التغابن: 16 – 18]
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فإن مما نحمد الله عليه أننا في بلد باذل معطاء نساؤه ورجاله كباره وصغاره حكومته وشعبه أغنياؤه ومتوسطوا الحال وحتى قليل ذات اليد تجده يحب المشاركة في وجوه الخير بما يقدر عليه.
وهذا من الأخلاق الفاضلة التي يجب أن تشجع وتنمى ويربى عليها الأطفال. وما أحسن ما يفعله بعض الآباء من إعطاء أطفالهم نقودا يتصدقون بها ، و ما أحسن ما تفعله بعض الأمهات من إرسال صغار ابنائها وبناتها بالطعام صدقة لمسكين أو هدية لجار فهذا ينمي فيهم حبَّ الصدقة والمعروف والإحسان..
وقبل أن أختم يجب التنبيه على مسالة بالغة الأهمية وهي ضرورة الاحتياط عند الإنفاق لأنه وجد من يستغل عواطف الناس ومشاعرهم تجاه إخوانهم المنكوبين فينشؤون حملات التبرع بدعوى إعانة اللاجئين بدون إذن رسمي وهي في حقيقة الأمر لا تذهب إلى أولئك المساكين ولكنها تذهب لتمويل التنظيمات الحزبية التي تتربص بنا شراً فكأنك حين تعطيهم تعطي المجرم السكين ليذبحك به فبهذه الأموال يشترون الذمم والسلاح للفتك بك والقضاء عليك.
لهذا نجد الدولة حرسها الله تنظم موضوع التبرعات حتى تذهب للمستحقين وحتى تقطع الطريق على المتربصين ومن أجل هذا تجد دعاة الشر والفتنة يضجون من الفوضى في حركة المرور والطيران والرحلات ويحاربونها ويطالبون بالنظام الصارم فيها لكنهم أمام تنظيم التبرعات يضجون ويجن جنونهم ويطالبون بفتح الباب على مصراعيه دون حسيب ولا رقيب لجمع أموال الناس وما ذلك إلا لأن تنظيم التبرعات يقفل عليهم باباً واسعا من أبواب تمويل أجندتهم وبرامجهم.
فلا تصدقوهم حين يشيعون وينشرون ان الدولة تحارب التبرع لإخوانكم في سوريا أو غيرها فها هي حملة خادم الحرمين مفتحة الأبواب تستقبل أموالكم وتبرعاتكم وها هو الإعلام المنصف العادل الصادق ينقل لنا استفادة اللاجئين والمنكوبين من خيرات تلك الحملات.
نسأل الله أن يجزي حكومتنا وشعبنا خير الجزاء وأن يفرج عن إخواننا المنكوبين في سوريا وفلسطين وبورما وفي كل مكان.
ونعوذ بالله من كل خائن محتال يستغل ثقة الناس وعواطفهم وحبهم للخير وثقتهم فيمن يدعي انه من أهله..
معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين ..