جديد الإعلانات :

العنوان : فضل الصحابة ومكانتهم والتحذير من الطعن فيهم

عدد الزيارات : 19550

الخطبة الأولى

أما بعد:

فإن الله تعالى اختار لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم خير خلقه بعد النبيين والمرسلين، اختارهم اختيارا واصطفاهم اصطفاء إذ كانوا أصفى الناس فطرة، وأثقبهم فهوماً، وأحدهم أذهانا، وأفصحهم ألسنا، وأوعاهم قلوباً وأصدقهم قولاً وأزكاهم نفوساً وأتمهم صبراً وشكراً.

آمنوا بالله ورسوله وثبتوا على الإيمان مع قلة المساعد، وضعف النصير من الخلق، ناصبهم الناس العداوة فما ضعفوا وما استكانوا، جاءتهم الشبهات والشهوات فما لينت منهم قناة ولا كسرت لهم عوداً. صحبوا رسول الله ونصروه وعزروه وبذلوا في سبيل دعوته الأنفس والأموال، والأولاد، وهجروا لله ولرسوله الديار والأوطان والأهل والأحباب.

أحبوا من أحب الله ورسوله ولو كان من قبل عدوا لدودا.

وأبغضوا من أبغض الله ورسوله ولو كان من قبل حبيباً ودوداً.

وعَوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل قول وفعل يتعلق به تشريع ودين فحفظوه نصاً واستوعبوه فهماً ولما لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى قاموا بالدين خير قيام جهاداً ودعوة وتعليماً حتى بلغوا الأمانة كاملة دون نقصان، فجزاهم الله عن نبيهم وأمتهم خير الجزاء، ورزقنا حبهم والاقتداء بهم والاجتماع بهم في جنات النعيم إنه جواد كريم.

عباد الله:

إن الصحابي : هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام ولو تخللته ردة قال أحمد (من صحب النبي صلى الله عليه وسلم سنة أو شهراً أو يوماً أو ساعة أو رآه مؤمنا به فهو من أصحابه له من الصحبة على قدر ما صحبه) اللالكائي

 

والصحابة هم أفضل الأمة وخيرها أثنى الله عز وجل عليهم في مواضع من كتابه قال تعالى (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين أمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما)

وقال تعالى (لكن الرسول والذين أمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم)

وقال تعالى (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم).

وأثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وزكاهم ونوه بفضلهم قال صلى الله عليه وسلم في ضمن حديث له (وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) رواه مسلم

وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) صحيح البخاري

و عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله اختار أصحابي على الثقلين سوى النبيين والمرسلين). قال ابن حجر رواه البزار بسند رجاله موثقون الإصابة 1/13.

عن عبد الله بن عمر وعند البغوي ابن مسعود:(من كان مستنا فليستن بمن قد مات أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة أبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونقل دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا على الهدي المستقيم. الحلية 1/305

ولا يأتي أحد بعد الصحابة أفضل منهم ولا أعلى رتبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا أصحابي فلوا أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) رواه البخاري ومسلم

وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول (لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره) رواه ابن ماجه بإسناد حسن.

وأهل السنة مجمعون على عدالة الصحابة فكلهم خيار عدول قال ابن الصلاح (إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع إحساناً للظن بهم ونظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة والله أعلم) المقدمة 146-

وقال الحافظ ابن حجر (اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة) الإصابة 1/10

والصحابة يتفاوتون في الفضل فأفضلهم مطلقاً أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم جميعاً، قال إسحاق بن راهوية (لم يكن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأرض أفضل من أبي بكر، ولم يكن بعده أفضل من عمر ولم يكن بعده أفضل من عثمان ولم يكن بعد عثمان على الأرض خير ولا أفضل من علي)

ويفضل أهل السنة بعد ذلك بقية العشرة المبشرين بالجنة وهم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح.

ثم أهل بدر الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم (وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) ثم أهل بيعة الرضوان الذين قال الله فيهم (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) وقال صلى الله عليه وسلم (لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة). ثم باقي الصحابة كل بحسبه رضوان الله عليهم أجمعين.

ويحب أهل السنة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم جميعا ويعتقدون أنهم أمهات المؤمنين قال تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) وقال تعالى (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً).

ويحب أهل السنة والجماعة أهل البيت من قرابة النبي صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا به واتبعوه، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول (اذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي) ويصلون عليهم مع صلاتهم على نبيهم صلى الله عليه وسلم.

ومع محبة أهل السنة لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وأزواجه فهم لا يغلون في أحد ولا يرفعونه فوق رتبته ولا يزعمون لأفرادهم العصمة لأن الله نهى عن الغلو قال تعالى (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق) النساء(7)

وقال صلى الله عليه وسلم (إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين) رواه النسائي وابن ماجه

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً. رواه مسلم وعند أبي داود (ألا هلك المتنطعون قالها ثلاثاً) قال النووي : أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..

 

الخطبة الثانية

أما بعد:

فإن من الجرائم الشنيعة والمنكرات الفظيعة الإساءة إلى مقام الصحابة بسبهم وطعنهم ولمزهم وتنقصهم ووصفهم بالأوصاف الذميمة والقدح في عدالتهم أو دينهم أو أخلاقهم وقد أجمع أهل السنة والجماعة على حرمة سبهم ولعنهم والقدح فيهم بل قرروا أن من السب لهم ما يكون كفراً مخرجاً من الملة ومنه ما هو فسق يستحق صاحبه عليه العقوبة والتعزير لأن في سبهم مضادة لتزكية الله تعالى لهم وثنائه عليهم ، ولأن فيه انتهاكاً لحدود الله فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سبهم لأن سبهم يفضي إلى إسقاط عدالتهم وإسقاط الثقة بهم وذلك يقتضي رد ما نقلوه إلينا من القرآن والسنة وإذا رددنا القرآن والسنة أو شككنا فيهما كان ذلك هو الإلحاد بعينه لأنه هدم للإسلام من أساسه وهل الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ولخطر سب الصحابة جاء النهي والوعيد الشديد والتحذير الأكيد عن الوقوع في سبهم والتلبس به:

عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا أصحابي لعن الله من سب أصحابي) قال الهيثمي 10/21 رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير علي بن سهل وهو ثقة.

و عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال( من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) حسنه السيوطي والألباني فيض القدير 6/146 صحيح الجامع الصغير5/299 السلسلة الصحيحة 2340

وعنه أنه قال (لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدهم ساعة يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم خير من عمل أحدكم أربعين سنة) رواه ابن بطة بإسناد صحيح

وقال أحمد في كتاب السنة ( ومن السنة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين والكف عن الذي جرى بينهم فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحدا منهم فهو مبتدع رافضي حبهم سنة والدعاء لهم قربة والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة)

وقال أبو زرعة الرازي (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة). الكفاية للخطيب 49

وقال الطحاوي: ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان)

وقال شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية (ويتبرؤون _ يعني أهل السنة _ من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما جرى بين الصحابة)

وقال عبد الله بن المبارك (معاوية عندنا محنة فمن رأيناه ينظر إليه شزراً اتهمناه على القوم يعني الصحابة) تاريخ دمشق 59/209

ولشناعة سبهم والطعن فيهم فإن من سنن الله فيمن يسبهم أن يذلهم ويخزيهم ويخذلهم قال شيخ الإسلام: “ولهذا تجد عامة من ظهر عنه شيء من هذه الأقوال – يعني سب الصحابة وتكفيرهم وتفسيقهم – فانه يتبين انه زنديق وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم وقد ظهرت لله فيهم مثلات وتواتر النقل بان وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات وجمع العلماء ما بلغهم في ذلك وممن صنف فيه الحافظ الصالح ابو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي كتابه في “النهي عن سب الأصحاب وما جاء فيه من الإثم والعقاب”.

إخوة الإسلام:

لقد كثر الطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأزمان فالحذر الحذر وأنكروا على من سمعتموه يلغ في أعراضهم أو ارفعوا أمره إلى أولي الأمر من العلماء والحكام حتى يرد عليه أهل العلم ويقيم فيه حكم الله أهل السلطة إذا تيسر ذلك.

ثم اعلموا رحمكم الله أن خير الحديث كلام الله ..

5 comments

  1. محمودعبد

    البحث

  2. عبد الشكور أبو بكر

    ما شاء الله وبارك الله فيك

  3. أبو مصعب ونيس اللواطي

    أحسن الله إليكم ووفقكم لما يُحب ويرضى

  4. وفقك الله تعالى وكتب لك الاجر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *