العنوان : أبي بكرة: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر
2- عن أبى بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟” ثلاثا قالوا: بلى يا رسول الله، قال: “الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، – وجلس وكان متكئا- ألا وقول الزور” فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت” متفق عليه.
ترجمة الراوي:
نفيع بن الحارث بن كَلَدة _بفتحتين_ بن عمرو الثقفي أبو بكرة صحابي مشهور بكنيته وقيل اسمه مسروح بمهملات أسلم بالطائف ثم نزل البصرة ومات بها سنة إحدى أو اثنتين وخمسين ع
معاني المفردات:
الاتكاء: ميل القاعد على أحد جنبيه. ويطلق أيضاً على التربع.
الزور: الميل ، و قول الزور: هو القول المائل عن الحق.
ليته سكت: أي شفقة عليه.
المعنى الإجمالي للحديث:
من نصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وحرصه عليهم أنه كان يحذرهم مما يضرهم كما كان يأمرهم بما ينفعهم، وفي هذا الحديث يحذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من أكبر الكبائر وهي الإشراك الله أي عبادة غير الله معه، وعقوق الوالدين بمعصيتهم وإساءة عشرتهم، وشهادة الزور المائلة الزائغة لإبطال حق أو إحقاق باطل.
ما يستفاد من الحديث:
- حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فإنه ابتدأهم بصيغة السؤال حتى يلفت انتباههم ويحضروا قلوبهم لما سيلقيه عليهم.
- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم أمته ما يضرهم ليجتنبوه.
- أن الذنوب تتفاوت منها الصغائر ومنها الكبائر والكبائر تتفاوت أيضاً ولذا قال صلى الله عليه وسلم (أكبر الكبائر).
- أن الشرك _ وهو عبادة غير الله مع الله_ هو أكبر الكبائر على الإطلاق فلا ذنب أكبر من الشرك ، لأنه يوجب الخلود في النار ، ولأن من مات عليه لا يغفر الله له والعياذ بالله، كما قال تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ولأنه يحبط ويبطل جميع الأعمال الصالحة قال تعالى (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون).
- أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، ولعظم قبحه جاء العقوق بعد الشرك، كما أن البر بهما يجيء بعد التوحيد كما في قوله تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا)
- عقوق الوالدين لا ينحصر في صورة واحدة بل له صور كثيرة منها عصيان أوامرهم التي لا يمنع الشرع من تنفيذها ، وانتهارهم ورفع الصوت عليهم والنظر الحاد إليهم ، وهجرهم وترك الإنفاق عليهما مع حاجتهما وقدرة الابن على الانفاق، والمقصود أن كل ما يؤذيهم قَلّ أو كثر فهو من العقوق وكل بحسبه والعياذ بالله.
- عظم شأن شهادة الزورة، ولذا لما أراد التحذير منها جلس ، ثم كرر التحذير منها مراراً، فإن شهادة الزور تسفك بها الدماء المعصومة وتلوث بها الأعراض الطاهرة، وتسلب بها الأموال المحترمة إلى غير ذلك من المفاسد والأضرار الدينية والدنيوية.
- ليس معنى اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة الزور أنها أكبر من الشرك ولكن أراد التنبيه على عظم خطرها فإن شناعة الشرك والعقوق أمر متقرر في النفوس لكن شهادة الزور قد يتساهل فيها كثير من الناس لينفعوا أنفسهم أو من يحبون ، أو ليضروا ويؤذوا من يبغضون.
- لا تقتصر شهادة الزور الشهادة في أمور الأموال والحقوق ونحو ذلك ، وإنما يدخل فيها تزكية الناس أو ذمهم فمن شهادة الزور أن يمدح المادح أهل البدع وأهل الانحراف العقدي كمن يسب الصحابة أو يرفض السنة، أو يدعو إلى الفتن في بلاد المسلمين بالثورات والمظاهرات، أو يقرر عقيدة الخوارج في تكفير المسلمين واستحلال دمائهم. فهذه الصورة غش وخداع للمسلمين وهي من أشد أنواع شهادة الزور لأنها تزكية لمن وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها.
نعوذ بالله من الشرك ومن العقوق ومن قول الزور. والله أعلم.