موقع د. علي بن يحيى الحدادي

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد _ أو شاباً_ ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها _أو عنه _ فقالوا مات. قال أفلا كنتم آذنتموني ، قال فكأنهم صغّروا أمرها، أو أمره. فقال : دلوني على قبره ، فدلوه فصلى عليها، ثم قال : إن هذه القبور مملؤة ظلمة على أهلها وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم”. رواه البخاري ومسلم .

معاني المفردات:

امرأة سوداء أو شاباً: هذا شك من الراوي وجاء عن أبي هريرة وبريدة أنها امرأة وجاء أيضاً أن اسمها (خرقاء) وكنيتها (أم محجن).

تقم المسجد: أي تكنسه.

آذنتموني: أعلمتموني.

صغّروا أمرها: احتقروا شأنها ، وذلك أنها ماتت بالليل فكرهوا أن يوقظوا النبي صلى الله عليه وسلم ليشهد جنازتها.

من فوائد الحديث:

1- فضل العناية بالمساجد وتنظيفها من الأقذار والأوساخ والعيدان والخرق والمناديل المستعملة وغير ذلك مما يستحسن كنسه وإزالته.

2- الصلاة بالنعال سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن إذا كانت المساجد مفروشة كما هو غالب الحال في هذه الأزمان فلا يصلى بها فيها لأن ذلك مما يقذرها، ويؤذي المصلين ويعجل بإفساد الفرش، وإهدار الأموال الطائلة.

3- إذا شرع إزالة ما يخالف الأذواق مما ينافي النظافة من المساجد فالعناية بإزالة ما يخالف الشرع أولى وأحرى ومن ذلك وجوب إزالة القبور والأضرحة والمزارات التي أقيمت في المساجد لأنها وسائل إلى الشرك الأكبر والعياذ بالله، وكذا يشرع اجتناب المبالغة في زخرفتها وتزيينها لما في ذلك من المشابهة لأهل الكتاب، ولما فيه من إشغال المصلين، وإهدار أموال طائلة لو أنفقت في مصارفها الصحيحة لانتفع بها المسلمون انتفاعاً عظيماً.

4- يشتهر عند كثير من الناس أن مهر إخراج الأذى من المسجد الحور العين، وقد جاء هذا في حديث رواه الطبراني في المعجم الكبير ولكن ضعفه المباركفوري والألباني رحمهما الله.

5- مشروعية الإخبار عن موت المسلم حتى يستغفر له إخوانه أو يشهدوا جنازته.

6- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، واهتمامه بأمر المسلمين وتفقده لأحوالهم مع كثرة مشاغله صلى الله عليه وسلم، إذ سأل عن الجارية السوداء، ثم ذهب إلى قبرها و صلى عليها، كما يدل أيضاً على عظم شأن كنس المسجد.

7- مشروعية السؤال عن الصديق والجار ونحوهما إذا غاب.

8- القبور هي أول منازل الآخرة وهي إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، وهي مملوءة ظلمة على أصحابها ونسأل الله تعالى أن يجعلها لنا إذا قبضنا إليه رياضاً من رياض الجنة وأن يملأها نوراً وحبوراً وسروراً إلى يوم البعث إنه رؤوف رحيم.