العنوان : ابن مسعود أي العمل أحب إلى الله
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: “الصلاة على وقتها” قلت: ثم أي؟ قال: “ثم بر الوالدين” قلت: ثم أي؟ قال: “ثم الجهاد في سبيل الله”، قال: حدثني بهن ولو استزدته لزادني”. متفق عليه.
راوي الحديث:
عبد الله بن مسعود بن غافل بمعجمة وفاء بن حبيب الهذلي أبو عبد الرحمن من السابقين الأولين ومن كبار العلماء من الصحابة مناقبه جمة _ أي فضائله كثيرة_ وأمّره عمرُ على الكوفة ومات سنة اثنتين وثلاثين أو في التي بعدها بالمدينة ع.
المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله الصلاة على وقتها، وكلما بادر المسلم إلى أداء الصلاة في أول وقتها فهو أفضل، ثم يلي ذلك بر الوالدين والإحسان إليهما، ثم يلي ذلك الجهاد في سبيل الله الذي به عز الإسلام وأهله.
ما يستفاد من الحديث:
- حرص ابن مسعود رضي الله عنه على التفقه في دينه والبحث عن أفضل الأعمال لأن شغل الوقت بالعمل الافضل خير وأكثر أجراً من شغله بالعمل الأقل فضلاً وأجراً.
- الأعمال الصالحة كلها طيبة ومحبوبة إلى الله ولكن بعضها أفضل من بعض وأكثر ثواباً وأرفع درجة.
- الصلاة على وقتها من أحب الأعمال إلى الله وأفضلها، فالصلاة عمود الإسلام وثانية أركانه العظام، وهي الصلة بين العبد وربه وهي حد فاصل بين الإيمان والكفر، وقد جعل الله لكل فرض وقت بداية ووقت نهاية فلا يجوز تقديم الصلاة عن وقتها ولا يجوز تأخيرها عن وقتها إلا من عذر شرعي.
- أعظم الحقوق على الإنسان بعد حق الله هو حق والديه فإنهما السبب المباشر لوجوده ، وقد رعياه واعتنيا به صغيراً لا يريدان منه جزاء ولا شكورا وإنما محض شفقة ومحبة، يكتسبان للإنفاق عليه، ويسهران لراحته، ويتحملان من النصب والتعب والمشاق من أجله الشيء الكثير. وحق الأم أكبر لأنها عانت في حمله ثم في ولادته ثم في رضاعه معاناة عظيمة. فرحم الله آباءنا وأمهاتنا أحياء وأمواتاً وجزاهم عنا خير الجزاء ورزقنا برهما والإحسان إليهما.
- بر الوالدين له صور كثيرة غير منحصرة ومنها طاعتهما في المعروف ، واللطف في الكلام معهما والإنفاق عليهما ، والهدية لهما، وصلتهما بالزيارة والخدمة وقضاء الحاجات لهما، واجتناب عقوقهما ولو بكلمة أف .
- بر الوالدين لا ينقطع بالموت بل يستمر بعد الموت بالدعاء لهما وبصلة رحمهما وصلة أصدقائهما.
- ثم جاء في المرتبة الثالثة الجهاد في سبيل الله ، وهو بذل الجهد لإعلاء كلمة الله، والجهاد يكون بالنفس والمال واللسان أي بالعلم والحجة والبيان.
والجهاد الشرعي هو الذي يكون تحت راية ولي والأمر وبأمره ويكون بعد اسئتذان الوالدين فبرهما مقدم على الجهاد في سبيل الله.
فمن المخالفات الكبيرة التي تقع اليوم ذهاب كثير من الناس إلى بلاد الفتن بدعوى الجهاد بدون استئذان ولي الأمر وبدون استئذان الوالدين وقد حصل بسبب ذلك من المفاسد أكبر بكثير من المصالح المرجوة من ضعف المسلمين واحتلال ديارهم واقتتالهم فيما بينهم ورجوع كثير منهم إلى البلاد بالتكفير واستحلال الدماء المعصومة.
- سئل النبي صلى الله عليه وسلم عدة مرات عن أفضل الأعمال أو أحبها إلى الله فكانت إجاباته صلى الله عليه وسلم تختلف، ولعل اختلاف إجاباته صلى الله عليه وسلم كان بسبب اختلاف حال السائلين فيحث الغني على الصدقة و يحث الشاب على الجهاد والصوم والكبير على الاشتغال بالذكر، ومن له أبوان أو أحدهما يدعوه إلى برهما وهكذا.
وقد تكون الأفضلية بحسب الحال والوقت فإذا كان الوقت وقت مجاعة فالأفضل الصدقة وإذا كان الوقت وقت جهاد فالأفضل الجهاد وهكذا..والله أعلم.
نفع الله بك الاسلام والمسلمين