جديد الإعلانات :

العنوان : تحذير الشباب من السفر إلى العراق

عدد الزيارات : 1406

إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما .
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله و اعلموا أن الجهاد في سبيل الله من أفضل القربات قال الله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم}
{يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم، وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين} [الصف: 10-13].
وقال سبحانه وتعالى: {فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما} [النساء: 74].
عن سهل بن سعد – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عيها”(متفق عليه).
وعن أنس – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها”(متفق عليه)
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل يعدل الجهاد؟ قال: “لا أجده” قال: “هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر”؟ قال: ومن يستطيع ذلك؟) متفق عليه
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة”البخاري
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين) مسلم.
والآيات والأحاديث في فضله كثيرة. غير أنه يجب أن يعلم أن الجهاد الذي وعد الله عليه بهذه الوعود العظيمة وادخر لأصحابه هذا الخير الكبير هو الجهاد الشرعي الذي يكون خالصاً لله تعالى موافقاً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فليس كل ما سماه الناس جهاداً يكون جهاداً كما أنه ليس كل ما سماه الناس عبادة يكون عبادة صحيحة.
فمن الناس مثلاً من يتقرب إلى الله بالشركيات والمبتدعات ويسمي ما يفعله من ذلك عبادة يرجو بها الثواب والنجاة من العذاب فهل تكون هذه الضلالات بمجرد التسمية الطيبة والنية الطيبة هل تكون بمجرد ذلك عبادة صالحة مقبولة؟ كلا. فإن العبادات مبناها على التوقيف أي أننا لا نتعبد لله بعبادة إلا إذا دل عليها الكتاب والسنة لأن العبادة طريق موصل إلى الله تعالى والطريق إلى الله أمر غيبي لا يعرف إلا من طريق الوحي.
وفي تقرير هذا الأصل العظيم يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي من عمل عملاً من أمور الدين لا يوافق شريعة النبي صلى الله عليه وسلم فهو مردود على صاحبه ولو أزهق فيه نفسه ولو أتلف فيه ماله ولو فارق من أجله أهله ووطنه فالعبرة عند الله ليست بكثرة العمل ولا بشدة النصب إنما العبرة بإحسان العمل كما قال تعالى (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) ولم يقل (أيكم أكثر عملاً) وإحسان العمل هو بإخلاص القصد والنية لله وإخلاص المتابعة والموافقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
وشروط الجهاد وأحكامه وضوابطه جاءت في الكتاب والسنة وأفاض في بيانها أهل الرسوخ في العلم حتى قامت الحجة ووضحت المحجة. ولكن من الناس من يتبع هواه فيرى في أحكام الجهاد على ضوء الشريعة تقييداً لجموحه وتحطيماً لطموحه وإفساداً لمآربه فماذا يفعل؟ إنه يقوم بالكر عليها وإبطال دلالاتها بالتأويلات الفاسدة ولي أعناق النصوص واختلاق المعاذير.
ومثالاً على ذلك رأينا خوارج العصر يسفكون الدماء المعصومة في بلاد المسلمين، وينقضون البيعة ويستحلون دماء رجال الأمن وغيرهم ثم هم يسمون هذا العمل جهاداً في سبيل الله ومن قتل منهم فهو شهيد ومن وقتل من خصومهم فهو طاغوت إلى النار وبئس القرار حسب ما يزعمون.
وإذا نظرنا في كلام الراسخين في العلم كالشيخ ابن باز وابن عثيمين وأمثالهما وجدناهم يضللون هذه الأعمال وأهلها ويحكمون عليها بالفساد ويحذرون منها ومن أهلها أشد التحذير وأعظمه.
فلم الفرق بين حكم أهل العلم وأهل الهوى والجهل؟ الفرق أن العلماء طبقوا على هذه الأعمال نصوص الشريعة وقواعدها وطريقة أهل السنة فبان لهم ضلالها وانحرافها.
وأولئك سلكوا طريق أهل الأهواء من قبلهم بتحريف معاني النصوص وتنزيلها على غير مواقعها كما فعلت الخوارج الأولى من قبل.
أيها الإخوة في الله:
إن من المشاكل التي يواجهها مجتمعنا في شبابه هو أنهم يتعرضون لدعوات قوية من أجل السفر إلى العراق من أجل المشاركة في الحرب باسم الجهاد وباسم طلب الشهادة وباسم الذب والدفاع عن بلاد المسلمين ونحو ذلك من الشعارات البراقة والأساليب الخلابة التي تستثير العواطف.
وهذه مشكلة كبيرة ذهب ضحيتها كثير ، ولا يزال أيضاً في قائمة الانتظار _ وللأسف _ كثير.
قد يتساءل بعضكم : لماذا يمثل ذهاب شبابنا على العراق مشكلة؟
إن ا لجواب على هذا السؤال يمكن اختصاره في النقاط التالية:
أولاً: أنه عمل مخالف للشريعة الإسلامية وكفى به مفسدة لأن مخالفة الشرع هي الداء العظيم الذي بسببه يحصل كل فساد في الأرض وبه يقع كل بلاء. وذلك أن الجهاد في الشرع موكول بولاة الأمور فهم الذين يعنلون الحرب وهم الذين يعلنون السلم كما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون من بعده.
وعلى هذا اتفق أهل السنة والجماعة ولم يخالف فيه إلا أهل الأهواء ولذا يذكر أئمة السنة هذه المسألة في كتب العقيدة مع كونها مسألة فقهية لأنها من العلامات الفارقة بين أهل السنة وأهل البدعة. وخروج الشباب إلى العراق لا يتوفر فيه هذا الشرط بل على العكس من ذلك فدولتهم وولي أمرهم يمنعهم منه ويحجزهم عنه _رحمة بهم ورعاية لهم _ وهم يتفلتون عليه تفلت الفراش في النار.
وكذلك أيضاً نجد أن كبار علماء الأمة يحذرون ويحرمون الخروج إلى العراق وهؤلاء لا يصغون إلى تلك الفتاوى ولا يلتفون إليها من أجل مقالات تحريضية وجلسات تخريبية في استراحات وبرارٍ يتصدرها جهال أو مغرضون يلبسون لباس العلم والنصح.
وكذلك تجد أن كثيراً ممن يخرج؛ يخرج بدون إذن والديه أو أحدهما بل يتحايل عليهما ويكذب عليهما بزعم الذهاب للعمرة أو رحلة أو نحو ذلك ثم لا يكتشفون الحقيقة إلا قارب الخروج من الحدود أو تجاوزها فأين أمر النبي صلى الله عليه وسلم من أراد يشارك معه في الجهاد بأن يرجع ويستأذن والديه أو يقيم عندهما فيجاهد فيهما بالقيام ببرهما.
ثانياً: أن الذي يجري في العراق ليس جهاداً بما تعنيه الكلمة _ شرعاً_ وإنما هي فتن مدلهمة اختلطت فيها الأمور والرايات ما بين تكفيريين ورافضة وبعث ويهود ونصارى وأحزاب وأطراف كل له مآربه السياسية والاقتصادية وغير ذلك من الأهواء والمطامع ومنهم المسكين الضعيف الذي قصارى جهده أن يدفع عن نفسه إذا دُخل عليه بيته لا يملك إلا ذلك.
ودخول أرض الفتن مما حذر منه السلف الصالح فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر باجتناب الفتن والنأي عنها لا أن يسعى إليها المسلم برجليه ليكون وقوداً لها. فكيف يزج بأبنائنا إلى هذه الأفران الملتهبة ليكونوا حطباً تتقد عليهم تلك النار ثمّ لا يحصّلون للإسلام ولا لأنفسهم نفعا بل يضرون أنفسهم وغيرهم في الدنيا والله أعلم بما يجازَون به في الآخرة.
ثالثاً: أن كثيراً ممن يذهب إلى العراق يكون مصيره إما القتل بيد من لا يرغب فيه أو بأن يفجر في نفسه بعلمه أو بغير علمه أو أنه يكون سلعة يساوم عليه من يدفع فيه أكثر أو أنه يعود إلى وطنه بعقيدة فاسدة مبنية على التكفير لحكومته وعلماء بلده، لديه الاستعداد النفسي للمشاركة في التفجير والقتل والاغتيال والتدمير والسعي في الأرض بالفساد في السعودية أو في غيرها من بلاد المسلمين بسبب ما تلقّاه من الدروس الآثمة على أيدي التكفيريين في العراق.
رابعاً: إن من المقاصد التي يحرص عليها المحرضون لمشاركة شبابنا في فتنة العراق هي إحراج الدولة مع أطراف دولية قوية مؤثرة في الأحداث العالمية تقتضي السياسة الشرعية دفع عدوانها واتقاء شرها بالتي هي أحسن لا بالتحرش بها واستجلاب عداوتها وخطرها.
فهم في الظاهرون محرضون على الجهاد وفي الباطن الذي تدل عليه الأقوال والأفعال فجار يكيدون لبلاد التوحيد والسنة لتقويضها وتحويلها مسرحاً للفتن والفوضى.
ويكون شبابنا في الظاهر مجاهدون وفي حقيقة الأمر أداوت مشلولة التفكير والوعي واتخاذ القرار لا تملك إلا تنفيذ ما يوكل إليها والذي ظاهره الجهاد وباطنه السعي في تدمير بلدهم وكيانهم الذي لا يوجد له مثيل على وجه الأرض اليوم من حيث ظهور الخير والقيام بأمر الشرع والعناية بالتوحيد والسنة والقضاء على مظاهر الشرك والوثنية.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
أما بعد:
إن العلماء حين قرروا تحريم سفر الشباب إلى العراق لم يفتوا بذلك إلا لأنه الحكم الذي تدل عليه الشريعة نصوصاً وقواعداً ومقاصداً.
ولكن أصحاب الأهواء الفاسدة يصدون الشباب عن الإصغاء إلى هذه الفتاوى بالتلبيسات المنكرة فيقولون لهم بأن هذه الفتاوى إنما تصدر عن ضغط من قبل الدولة أو أن هؤلاء العلماء تصور لهم الأمور على غير حقيقتها أو أنها وجهة نظر لا يلزم العمل بها ونحو ذلك من الشبه.
وهؤلاء الملبسون هم قطاع طرق في حقيقة الأمر يقطعون الشباب عن الوصول إلى أحكام الشرع وإلى عقيدة أهل السنة ويصرفونهم إلى طرق الخوارج والمعتزلة وأشباههم ممن لا يسعمون ولا يطيعون لولاة الأمور ولا يقدرون ولا يحترمون علماء السنة وإنما يتهمونهم بالخيانة والجهل والتلبيس هذا حالهم من أكثر من ألف وثلاث مئة سنة وإلى يومنا هذا فاتقوا الله أيها الشباب في أنفسكم اسمعوا وأطيعوا لولاة أمركم، واحترموا أهل الرسوخ من أهل العلم والسنة وحسنوا فيهم الظن.
تفقهوا في الدين واجتهدوا في تحصيل العلوم النافعة والخبرات المفيدة التي تسهمون من خلالها في الحفاظ على دينكم والقيام بنهضة وطنكم الذي هو اليوم وطن الإسلام ومأرزه.
وأنتم يا معشر الآباء عليكم مسؤولية عظيمة في الحفاظ على أبنائكم ومتابعتهم ومراقبة ومعرفة أصحابهم ومواصلة النصح لهم حتى لا يقعوا فريسة هذه التنظيمات والجماعات نتيجة الغفلة عنهم.
ثم اعلموا ـ رحمكم الله ـ أن أحسن الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هدي محمد ، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلّ بِدعة ضَلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنَّ يدَ الله عل الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار.
وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على عبد الله ورسوله محمّد كما أمَرَكم بذلك ربّكم، قال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولك محمّد، وارضَ اللّهمّ عن خلفائِهِ الرّاشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم بمنك وكرمك وجودك يا رب العالمين
اللهم من أراد المسلمين بسوء فأجعل كيده في نحره وأفسد عليه أمره وشتت شمله واجعل كيده في نحره يا رب العالمين
اللهم إنا نسألك أن تصلح ولاة أمور المسلمين وتصلح بطانتهم يا رب العالمين
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون. واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *