جديد الإعلانات :

العنوان : الحكم العلماني كفر بالله خطبة مكتوبة

عدد الزيارات : 7841

أما بعد:

فإن الله تعالى لما كان هو خالق الخلق ومدبر شؤونهم والعليم بما يصلحهم وما يضرهم كانت الشريعة التي أنزلها على نبيه صلى الله عليه وسلم هي أحسن الشرائع وأفضلها. وأوفاها بمصالح العباد في دنياهم كما أن فيها سعادتهم وفلاحهم في أخراهم كما قال تعالى (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) قال ابن عباس: لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.

وقد أمر الله تعالى العباد أن يحكّموا ما أنزله عليهم في كل شؤونهم في عبادته وحده وترك عبادة ما سواه وفي اتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وترك البدع والمحدثات وفي العبادات بأنواعها القولية والعملية والبدنية والمالية والظاهرة والباطنة وفي معاملاتهم وفي أحوالهم وفي آدابهم وأخلاقهم. كما قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) قال ابن سعدي (هذا أمر من الله تعالى للمؤمنين أن يدخلوا {فِي السِّلْمِ كَافَّةً} أي: في جميع شرائع الدين، ولا يتركوا منها شيئا، وأن لا يكونوا ممن اتخذ إلهه هواه، إن وافق الأمر المشروع هواه فعله، وإن خالفه، تركه، بل الواجب أن يكون الهوى، تبعا للدين، وأن يفعل كل ما يقدر عليه، من أفعال الخير، وما يعجز عنه، يلتزمه وينويه، فيدركه بنيته). وأمر سبحانه وتعالى أولي الأمر أن يحكموا بين الناس بشرعه جل وعلا فقال تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ …) الآية . وقال تعالى (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ). وتوعد سبحانه من حكم بغير ما أنزل بالوعيد الشديد فقال تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون).

ومعني الآية عند السلف الصالح أن من حكم بغير ما أنزل الله يكون كافراً كفراً أكبر مخرجاً من الملة في الحالات التالية

الأولى: أن يعتقد جواز الحكم بغير ما أنزل الله.

الثانية: أن يعتقد أن حكم غير الله مساوٍ لحكم الله أو أفضل منه.

الثالثة: أن يعتقد أن حكم الله غير صالح للتطبيق في هذا الزمان.

وأما إن حكم بغير ما أنزل الله مع اعتقاده وجوب الحكم بما أنزل الله وأن حكم الله هو أفضل الأحكام ولكنه لم يحكم به لهوى أو لخوف ونحو ذلك فإن كفره كفر أصغر لا يخرج من الملة كما شرح الآية ابن عباس وغيره من السلف فقالوا (هو كفر دون كفر) وكما أوضح الحالات وبينها جمع من الأئمة كابن القيم وابن باز والألباني وابن عثيمين وغيرهم.

ومن الحكم بالطاغوت ما يعرف بالحكم العلماني والحكم الديمقراطي والذي يعني إلغاء حكم الله تعالى وتعطيله والحكم بما يراه البشر فمن أجاز هذا الحكم وأباحه أو فضله على حكم الله فهو كافر بما أنزل الله مكذب لأخبار الله والعياذ بالله قالت اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله في ضمن فتوى لها متعددة الفقرات : “ثالثا: تفضيل الدولة العلمانية على الدولة الإسلامية هو تفضيل للكفر على الإيمان؛ كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} رابعا: الشريعة الإسلامية كاملة عامة صالحة لكل زمان ومكان إلى أن تقوم الساعة؛ لأنها تنزيل من حكيم حميد، فمن زعم أنها لا تصلح في هذا الزمان، وأن أنظمة البشر أصلح منها، فهو كافر؛ لأنه مكذب لله ولرسوله في كمال الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} إلى قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} انتهى كلام اللجنة.

فاتقوا الله عباد الله وتمسكوا بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم واعتقدوا اعتقاداً جازماً بوجوب الحكم بما أنزل الله وأن حكم الله هو أحسن الأحكام وأعظمها وخيرها وأن الحكم بغير ما أنزل الله كفر وظلم وفسق كما حكم الله بذلك في كتابه الكريم واحذروا من دعاة الباطل الذين يزينون للناس اليوم الحكم العلماني لأن مصالحهم الدنيوية اقتضت أن يغيروا فتاويهم من تحريم الحكم العلماني والتكفير به إلى اعتباره حلالاً مباحاً محموداً فاعله. إن العلمانية شر عظيم ووبال كبير قالت اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله (ما يسمى بالعلمانية التي هي دعوة إلى فصل الدين عن الدولة، والاكتفاء من الدين بأمور العبادات، وترك ما سوى ذلك من المعاملات وغيرها، والاعتراف بما يسمى بالحرية الدينية، فمن أراد أن يدين بالإسلام فعل، ومن أراد أن يرتد فيسلك غيره من المذاهب والنحل الباطلة فعل، فهذه وغيرها من معتقداتها الفاسدة دعوة فاجرة كافرة يجب التحذير منها وكشف زيفها، وبيان خطرها والحذر مما يلبسها به من فتنوا بها، فإن شرها عظيم وخطرها جسيم. نسأل الله العافية والسلامة منها وأهلها وبالله التوفيق) انتهى. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

أما بعد:

فإننا ونحن نتحدث عن خطر الحكم العلماني ومضادته للإسلام لنحمد الله سبحانه وتعالى على أن وفق حكومتنا حكومة المملكة العربية السعودية إلى تحكيم شرع الله تعالى ابتداء بالتوحيد ومنع مظاهر الشرك والخرافة والوثنية كالقبور والأضرحة وانتهاء بتحكيم الشريعة في أحوال الناس وما يجري بينهم في الصغير والكبير. وهذا من فضل الله عليها فإنه لا توجد في الأرض اليوم دولة تطبق من الشريعة ويوجد فيها من مظاهر التمسك بالكتاب والسنة مثل ما يوجد في هذه البلاد والحمدلله فمن حقها على رعيتها أن يزدادوا لها ولاء وعليها حرصاً ومعها تعاوناً على البر والتقوى. ومن حقها على غير رعيتها من المسلمين الذين يعرفون قدر نعمة التوحيد والحكم بما أنزل الله أن يشكروها ويثنوا عليها وأن يدعوا الله لها بمزيد من التوفيق و أن يدافعوا عنها حسب استطاعتهم حين يُكاد لها أو يُمكر بها. نسأل الله أن يحفظها ويديم عزها ويزيد حكامها توفيقاً وتأييداً وتسديداً. وأن يصلح حكام المسلمين ويوفقهم للحكم بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم إنه ولي ذلك والقادر عليه.

معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين..

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *