العنوان : الحث على تعظيم شعائر الله والتحذير من الاستخفاف بها خطبة مكتوبة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن من تقوى الله جل وعلا تعظيمَ شعائره وشرائعه وأوامره ونواهيه كما قال تعالى {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} فالشريعة هي أمر الله وحكمه وإذا لم يكن في قلب المؤمن شيء أعظم ولا أجل ولا أكبر من الله فكذلك ينبغي أن يكون حكمه وشرعه ودينه وما أحبه عظيماً جليلاً كبيراً في قلبه لا يسخر ولا يستهزئ ولا يستنقص شيئاً من ذلك لا بقلبه ولا بلسانه ولابقوله ولا بفعله بل ولا يحب ولا يوالي من يصدر عنه ذلك امتثالاً لأمر ربه جلّ وعلا إذ يقول {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [البقرة: 231] وقال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}
وإذا كان تعظيم شعائر الله من الإيمان فإن الاستخفاف بها من شعب الكفر والنفاق كما قال تعالى فيمن استهزأ وسخر بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لعباً ومزحاً {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ }
عباد الله: إن الواجب علينا أن نربي أنفسنا على تعظيم حرمات الله وشريعته وأن نربي على ذلك أبناءنا وبناتنا وأزواجنا وأهلينا حتى ينشأوا على ذلك. فلا تعصف بهم عواصف النفاق والإلحاد والتشكيك وضعف الديانة.
إن ممن ينتسب إلى الإسلام في بعض بلاد المسلمين قد جعلوا سب الله وسب دينه وسب نبيه على أطراف السنتهم عند أدنى خصومة أو مشاجرة أو حتى عند الحديث والمحاورة يشب عليها الصغير ويهرم ويموت عليها الكبير لا يرون بذلك بأساً ولا جرجاً والعياذ بالله.
فهذا من أعظم صور الاستهانة بالله وبدينه وبنبيه صلى الله عليه وسلم نعوذ بالله من الكفر والنفاق والردة بعد الإسلام والضلالة بعد الهدى.
ومن الاستهانه والاستخفاف بشعائر الله الاستخفاف والاستهانة وإبداء التضجر والإنزعاج من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الصلاة فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم أوامر الله وشرائعه وبتركه لعن اليهود والنصارى على لسان داود وعيسى ابن مريم وبتركه هلكت الأمم وبالمحافظة عليه يحفظ الدين وتؤمن العقوبات العامة وتكثر الخيرات وتقل الشرور وتترقى الأمة في معارج الخيرية كما قال تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } [آل عمران: 110]
فاتقوا الله عباد الله واملؤوا قلوبكم تعظيماً وتوقيراً وإجلالاً لربكم ولنبيكم ولدينكم ولكل أحكام دينكم. وطهروا قلوبكم وألسنتكم وجوارحكم من كل ما ينافي هذا الإجلال والتعظيم أو يخدشه وينقص منه ولو مزحاً أو لعباً فكم من شخص كفر بعد إيمانه وارتد بعد إسلامه بسبب ذلك والعياذ بالله أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الأذان من أعظم شعائر الله ففيه إعلان تعظيم الله وإعلان التوحيد وإفراد الله بالعبادة وإثبات الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وفيه الإعلان بدخول وقت الصلاة والدعوة إلى أدائها جماعة والبشارة بأن ذلك هو الفوز والفلاح.
لذا كان الأذان حبيياً إلى أهل الإيمان بغيضاً إلى الشيطان وأولياء الشيطان. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان إذا سمع الأذان ولى هارباً وله حصاص أي يخرج منه الريح بصوت ، وكان المشركون والكفار إذا سمعوا النداء بالصلاة ضجروا واغتاضوا واتخذوه هزواً ولعباً صداً عن الصلاة وتنفيساً عن انفسهم لما يجدون فيها من الكرب والضيق من سماع النداء.
أما نبينا صلى الله عليه وسلم فكان يحب سماع الأذان وينصت له ويقول كما يقول ويبشر المؤذنين بالخير العظيم سمع النبي صلى الله عليه وسلم راعي معزى يؤذن فلما قال الله أكبر قال صلى الله عليه وسلم على الفطر فلما قال أشهد أن لا إله إلا الله قال خرجت من النار
وقال: “المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة” وقال «لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ، وَلاَ شَيْءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» ترغيباً في رفع الصوت بالأذان ليكثر شهداؤهم يوم القيامة.
عباد الله: إن مما يؤسف له أن نسمع ونقرأ التذمر والتضجر من الأذان وإطلاق الأوصاف القبيحة الخبيثة عليه كوصفه بأنه مزعج أو مؤذي أو مخيف أو مرعب أو نحو ذلك ومن ثَّم الدعوة إلى إسكات المؤذنين والعياذ بالله. فلنحذر مجاراة هؤلاء في أفكارهم أو ألفاظهم أو الاغترار بها.
نعم إن بعض المساجد قد تكون أجهزتها موزوزنة بما يتجاوز حد الاعتدال بكثير فهذا الشيء النادر يعالج مع المؤذن أو الإمام أو الجهات المعنية دون المساس بحرمة الأذان والتذمر منه ووصفه بالأوصاف السيئة حتى لا نكون ممن يكره شيئاً من دين الله أو يتسخط منه أو يسبه ويشتمه أعاذنا الله وإياكم من مضلات الفتن. هذا وصلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير سيد الأولين والآخرين والمبعوث رحمة للعالمين اللهم صل وسلم عليه وعلى خلفائه الراشدين وأزواجه وأهل بيته وعامة أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك وأيدهم بتأييدك وأصلح لهم البطانة ، وأرهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه ولا تجعله ملتبسا عليهم فيضلوا.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
جزاكم الله خيرا
نريدها صوتية أحسن الله إليكم