جديد الإعلانات :

العنوان : الحث على الدعاء والتحذير من دعاء غير الله (خطبة مكتوبة)

عدد الزيارات : 15936

أما بعد:

فإن الدعاء من أجل العبادات وأعظمها بل هو لبها وخلاصتها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم (الدعاء هو العبادة) وذلك أنه يتجلى في دعاء العبد لربه جل وعلا افتقاره له وذله بين يديه وحاجته إليه ويظهر فيه إيمان العبد بغنى ربه وكرمه وإيمانه بقوته وقدرته وإيمانه بقربه من عباده وعلمه بحالهم وسمعه لدعائهم، ويظهر في الدعاء أيضاً إيمان العبد بأن ربه هو مدبر أمر عباده وهو رازقهم لا غنى لهم عنه طرفة عين. وبذلك تتجلى فيه أنواع التوحيد الثلاثة وهي الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.

وقد أمر الله عباده بدعائه ووعدهم بالاستجابة فقال تعالى (ادعوا ربكم تضرعاً وخُفية) وقال تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) وتوعد الله من استكبر عن دعائه وعبادته فقال سبحانه (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) أي أذلة صاغرين.

عباد الله: إن للدعاء آداباً كثيرة ومنها:

رفع اليدين عند الدعاء، ومنها تكرار الدعاء والإلحاح فيه، ومنها أن لا يستأخر الداعي الإجابة فينقطعَ عن الدعاء، ومنها أن يقرن دعاءه بما يكون سبباً لإجابة دعائه كالتوسل بأسماء الله وصفاته كأن يقول اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله أنت أن تغفر لي. ومثل اللهم أنت الرحمن الرحيم فارحمني.  وكالتوسل إلى الله بالعمل الصالح  كما علمنا الله تعالى أن نقول (ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار) فذكروا أولاً إيمانهم بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم ثم ذكروا حاجتهم وهي طلبُ المغفرة والتكفير والتوفي مع الأبرار.

واعلموا أن الدعاء ليس له وقت معين لا يكون في غيره ولكن هناك أوقات وأحوال يكون فيها الدعاء آكد وتكون الإجابة فيها أقرب ومنها الدعاء في حال السجود وفي الثلث الأخير من الليل والدعاء بين الأذان والإقامة.

عباد الله : إن أحسن الأدعيةِ هي الأدعيةُ الجامعة للخير مثل (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ومثل (سؤال الله العافية) ، ومثل (سؤال الله الجنة والاستعاذة به من النار). وكلما كانت الأدعية مأخوذة من الكتاب والسنة كان أفضل لأنها جامعةٌ لطلب الخير والاستعاذةِ من الشر، خاليةٌ من التكلف والتنطع والاعتداء. ولا حرج أن يدعو الإنسان بكل حاجة مباحة له بالعبارة الدالة عليها باللغة التي يحسنها سواء العربيةُ أو غيرها.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا خير المسألة وأحسنها إنه سميع الدعاء . أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

أما بعد:

فإن الدعاء عبادة كما تقدم بل هو خلاصة العبادة ولبها لذا يجب إخلاص الله بالدعاء فلا يدعى دعاء عبادة أحد سواه فمن دعا الأولياء والموتى والغائبين فقد أشرك مع الله هذا المدعو إذْ صار يدعوه كما يدعو الله ويرجوه كما يرجو الله ويطلب منه كما يطلب من الله والعياذ بالله. وهؤلاء هم المتوعدون بقوله تعالى {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }

عباد الله:

لقد زين الشيطان لكثير من الناس دعاء علي والحسين وفاطمة رضي الله عنهم ودعاء البدوي والجيلاني وغيرهم ليوقعهم في حبائل الشرك والعياذ بالله، ولو تأملوا كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأيقنوا أن كل ما سوى الله من شيء لا يملك لهم ضراً ولا نفعاً كما قال تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } وقال تعالى {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)}

ففي هذه الآيات وما جاء في معناها أكبر زاجر عن صرف الدعاء وكل العبادات لغير الله تعالى.

فكيف يدعو الإنسان من لا يسمعه ولا يراه؟!

وكيف يدعو من لو سمعه لم يستطع أن يجيبه بشيء مما دعاه؟!

وكيف يدعو من يكون يوم القيامة خصمه وحجيجه لدعائه إياه من دون الله؟

فنعوذ بالله من الخذلان وانتكاس الفطرة وخسارة الدنيا والآخرة.

 معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين…

10 comments

  1. ماجد العتيبي

    بارك الله فيك ياشيخ

  2. أبو ربيع منير بن محمد

    جزاكم الله خيرا شيخنا

  3. أبو سليمان

    اللهم احفظ شيخنا من كل سوء و مكروه، و اجعله للمتقين إماما.

  4. ام الحارث

    جزأك الله خير … وبارك الله في شيحنا ووفقه الى مافيه الخير … وبحفظه من كل سوء

  5. كمال العراقي

    جزاك الله خيرا شيخ علي على هذه الخطبة المفيدة

  6. جزاكم الله خير ياشيخ وبارك فيكم…..
    وحفظ الله بلاد الحرمين من كل سوء وادام عليها نعمة التوحيد والسنة وحفظ علمائنا

  7. هيثم المصباحي

    بارك الله فيك شيخنا وبارك في علمكم وحفظك الله والله إني أحبك في الله و أنا أخطب في خطبك ونزيد عليها وننقص

    • هيثم المصباحي

      بارك الله فيك شيخنا وبارك في علمكم وحفظك الله والله إني أحبك في الله و أنا أخطب في خطبك لانزيد عليها وننقص

  8. ابوالعز الليبي

    جزاكم الله خيرا

  9. Mohammed Abdul Karim

    جزاك الله خير الجزاء ع

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *