العنوان : التحذير من ترك الواجبات وفعل المحرمات في شهر الصيام
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واجتهدوا في طاعة الله وتذكروا أن شهر رمضان قد مضى ثلثه والباقي منه سيمر سريعاً مستعجلاً فبادروه قبل الفوات وتزودوا فيه لما بعد الممات.
فإنه شهر مبارك تفتح فيه أبواب الجنات وتغلق فيه أبواب النيران وتصفد فيه مردة الشياطين، وفي ذلك كله عون للعبد أن يجتهد في الطاعة ويتباعد عن المعصية.
وإن أولى ما يعتنى به المسلم المحافظة على الواجبات وترك المحرمات فمن الواجبات المؤكدة المحافظة على الصلوات الخمس في مواقيتها لقوله تعالى: [إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا] ومن الناس من يفرط ويتساهل وربما يتعمد أن يؤخر الصلاة عن وقتها وذلك أنه يسهر طويلاً فإذا لم يبق على الصلاة إلا قليلاً وضع رأسه ونام أو ربما وطّن نفسه أنه ينام أول النهار ولن يقوم إلا على الإفطار أو بعده غير مبال بالظهر والعصر والمغرب
مع أن تعمد ترك فرض واحد حتى يخرج وقته من أعظم المنكرات ومن أشد الموبقات وفي ذلك
يقول -ﷺ-: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله» أخرجه البخاري.
فكيف بترك صلاتين وأكثر وكيف بترك
أكثر الصلوات وكيف بتركها في هذا الشهر المبارك..
ومن الناس من يفرط في صلاة الجماعة من غير عذر شرعي وإنما اتباعاً للهوى
و استجابة لداعي الكسل وإيثاراً للراحة أو اشتغالاً بأجهزة التواصل والإعلام ، والتهاون في صلاة الجماعة من صفات المنافقين فالمنافقون يتخلفون عن الجماعة وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى لقلة رغبتهم فيما عند الله قال تعالى عنهم:
[وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى] وقال ابن مسعود:
“ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق” إلى آخر كلامه.
ومن الناس من يفرط في هذا الشهر في واجباته الوظيفية فيعطل المعاملات ويشق على المراجعين بدعوى الصيام وهذا غلط كبير ونعريض النفس للمقت والعقوبة من الله وتعريض النفس لدعوة النبي -ﷺ-
عليه فقد قال عليه الصلاة والسلام:
«اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه».
ولو أنه أخر السحور وتسحر جيداً وترك السهر وأخذ حاجته من النوم واحتسب الأجر واستشعر المسؤولية لقام إلى عمله نشيطاً طيب النفس ولقام بعمله خير قيام فيطيب بذلك مكسبه ويأخذ أجر من أنجز معاملاتهم وفاز بدعائهم وقبل ذلك بدعاء النبي -ﷺ- إذ يقول:
«ومن ولي من أمر امتي شيئا فرفق بهم فارفق به»
رواه مسلم.
فهذه بعض الواجبات التي يفرط فيها بعض الصائمين وفقنا الله وإياهم للتوبة النصوح والإنابة الصادقة وحسن الاستعداد ليوم المعاد. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن من أعظم صور التقوى اجتناب ما حرم الله تعالى فكثير من الناس قد يكون نشيطاً في أداء الواجبات وربما يستكثر من النوافل والقربات لكنه يسترسل في المحرمات فتجده يأكل الحرام ويستمع للحرام ويشاهد قصداً وعمدا ما حرم الله ويكتب بيده ما حرم الله ولا شك أن ذلك خطر كبير فإن السيئات تحبط الحسنات كما قال تعالى محذراً من بعض الذنوب:
[أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ] وتقدم حديث بريدة:
«من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله»
وفي الحديث الصحيح حديث المفلس أخبر النبي -ﷺ- أن المفلس من يجيء بحسنات وأعمال صالحة لكنه يجيئ ايضاً بمظالم كثيرة فتؤخذ حسناته فتوزع على من ظلمهم وأساء إليهم ثم يلقى في النار والعياذ بالله.
فحافظوا على شهركم وصيامكم ولا سيما من بعد إفطاركم فكثير من الناس يقضي ليالي رمضان أو جزءاً كبيراً من لياليه في متابعة الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تصد عن سبيل الله وعن ذكره وتزين الفجور والسفور وتزعزع القيم والأخلاق بل وتهدم العقيدة أو تضعفها ضعفاً شديداً فاحذروا هذا الغزو الذي يشتد أكثر ما يشتد في هذا الشهر الكريم والله المستعان.
معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين..
khotba