العنوان : الاستقامة (مناسبة لأول شوال)
أما بعد:
فإن الله تعالى أمر عبده محمدا صلى الله عليه وسلم و أمر أمته معه فقال (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك)
والاستقامة معناها السير على الصراط المستقيم الذي شرعه لعباده وأمره أن يدعوه لهدايتهم إليه فقال (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم) ولما جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك قال (قل آمنت بالله ثم استقم)
فالاستقامة هي وصية الله ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذه الاستقامة لاتتحقق ولا تنفع إلا بشرطين
الأول: الاستقامة ما شرع الله في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم . فإن صراطه هو الطريق الوحيد المستقيم الموصل إلى الجنة ، وما خالفه لا يكون طريقاً مستقيماً بل هي السبل المنحرفة المعوجة فالأديان المنسوخة كاليهودية والنصرانية ليست صراطا مستقيماً بل هي سبل تقود أهلها إلى النار كما قال صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لا يسمع بي رجل من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار)
والوثنية والإلحاد كلها أيضاً من موجبات الخلود في النار والعياذ بالله كما قال تعالى (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) وقال تعالى (وعقبى الكافرين النار)
والبدع والمحدثات في دين الله هي سبل معوجة وليست صراطاً مستقيماً لقوله صلى الله عليه وسلم (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)
والبدع الدينية كلها شر سواء كانت في العقيدة أو في العبادة فلا ينبغي للمسلم أن يحتقر شيئاً من البدع في الدين ولو كانت في نظره أو نظر كثير من الناس شيئاً يسيراً وعلى سبيل المثال من البدع التي تكون في العيد تخصيص يوم العيد لزيارة مقابر الأهل والأحباب أو زيارة المقابر عموماً فالزيارة نفسها مشروعة بقصد الدعاء للأموات وبقصد الاتعاظ والاعتبار وتذكر الآخرة لقوله صلى الله عليه وسلم (زرواً القبور فإنها تذكركم الآخرة) ولكن قصد زيارتها يوم العيد بدعة لأنه لا دليل على تخصيص يوم العيد بزيارتها ، ومن البدع أيضاً ما نلاحظه في ايام العيد من التكبير الجماعي بصوت واحد في مصليات العيد فالتكبير نفسه مشروع ولكن تعمد كونه جماعياً بصوت واحد يبدؤون سوياً وينتهون سوياً بلحن واحد هذا غير مشروع بل هو بدعة لأنه لم يؤثر عن نبينا صلى الله عليه وسلم ولا عن سلفنا الصالح.
ومن البدع في صلاة العيد ما نلاحظه من جهر المأمومين أو أكثرهم بالتكبيرات في صلاة العيد وهم وراء الإمام فالمأموم لا يجهر وراء الإمام إلا بقوله أمين في الصلاة الجهرية. وما عدا ذلك من تكبير أو حمد أو تلاوة أو دعاء فتكون سراً لا يتعمد الجهر في شيء منها فلنحذر هذه الطريقة ولنتواص على تركها فإن البدع تزيد مع الايام ولا تنقص إذا تركت دون بيان وإنكار..
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الاستقامة لا تنفع صاحبها إلا بالثبات عليها وملازمتها إلى الموت وهذا هو الشرط الثاني.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إنما الأعمال بالخواتيم) ولقوله تعالى (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) فما جعل لعمل العبد نهاية ينتهي عندها الا الموت. ومن الدعاء المبارك الذي علمناه ربنا في أول سورة ال عمران أن نقول (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا)
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم الذي يكثر منه ( اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)
وإن العبادات واجبها ونفلها والتعبد لله بترك معصيته وموجبات غضبه ليس محصورا على رمضان ولا على غيره من الشهور بل العمر كله موسم لطاعة الله والتقرب اليه بفعل أوامره واجتناب نواهيه
فنسأل الله أن يبتنا على طاعته في العقيدة والعبادة والمعاملات والأخلاق وفي كل شوؤننا إلى يوم نلقاه .. معاشر المؤمنين ..