جديد الإعلانات :

العنوان : التذكير بتقوى الله والتحذير من الأمن من مكر الله

عدد الزيارات : 4704

الخطبة الأولى …/

أما بعد :

فيأيها الناس اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون, إن تقوى الله هي وصية الله لكم ولمن قبلكم ولمن يأتي بعدكم, قال تعالى { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله)

أمر الله الناس كلهم بتقواه مسلمهم وكافرهم فقال (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)

وأمر المؤمنين بتقواه فقال (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا أنتم مسلمون)

وأمر نبيه بتقواه فقال سبحانه  (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)

ومعنى التقوى أن تتخذ وقاية مما تخاف وتحذر كما تتقي الرمضاء بالنعل والبرد بالفرو

ومعنى تقوى الله أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله ، وأن تدع معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله.

وعبر عنها بعضهم بقوله العمل بالتنزيل والخوف من الجليل والاستعداد ليوم الرحيل.

وعبر عنها بعضهم بقوله تقوى الله أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر.

وخلاصة ذلك كله أنها فعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه محبة له وخوفاً منه ورجاء فيه سبحانه.

فتقوى الله سبب سعادة العبد في دنياه وآخرته يقول تعالى وهو يبين آثار التقوى في الدنيا { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } .

فمن حقق تقوى الله جعل له من كل ضيق مخرجاً, ومن كل هم فرجاً ومن كل بلوى عافية.

ومن اتقى الله ساق له الرزق الذي يكفيه ويغنيه من حيث لا يشعر ولا يحتسب.

كما أنها تدل بمفهومها على أن من لم يتق الله لم يجعل له فرجاً ولا مخرجاً من كرباته ومضايقه والعياذ بالله.

ومن آثار تقوى الله في الدنيا تنزل البركات ووفرة الخيرات من الأمن في الأوطان والعافية في الأبدان والبركة في الأرزاق.. يقول تعالى { وألوّ استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً } أي لو استقاموا على ما أمروا به من الصراط المستقيم لأغدقنا عليهم النعم الظاهرة والباطنة وما ذكر الماء إلا على سبيل المثال لأنه من أجل النعم وأعظمها .

ويقول تعالى { ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم } أي لأغدقنا عليهم الثمرات فأكلوا منها قياماً وأكلوا منها قعوداً لوفرتها وتنوعها . ويقول تعالى { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض, ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون }

وأما عاقبة التقوى في الآخرة فخير عاقبة يقول تعالى { إن المتقين في جنات وعيون } { إن المتقين في جنات ونعيم } { إن المتقين في ظلال وعيون } { إن المتقين في جنات ونهر }.

فهنيئاً لمن اتقى الله حق تقاته هنيئاً له بالجنة العاجلة في الدنيا من سرور القلب وانشراحه وطمأنينته, والجنة الآجلة التي أعدها للمتقين من عباده التي فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

إخوة الإيمان:

لقد أمركم الله في كتابه الكريم ونوره المبين أن تقوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة فقال { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}

فراقب نفسك يا عبد الله وازجرها عن غيها وخذها على الإستقامة على الهدى فإنك إن أطعت نفسك أردتك في الهاوية { فإذا جاءت الطامة الكبرى. يوم يتذكر الإنسان ما سعى. وبرزت الجحيم لمن يرى. فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا. فإن الجحيم هي المأوى. وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. فإن الجنة هي المأوى } .

وانظر من ولاك الله أمره من زوجة وولد فاحرص عليهم بالتربية الصالحة والإرشاد الهادف والدعوة بالتي هي أحسن باللين في موضعه, والشدة في موضعها, وأنت مأجور مشكور على ذلك كله .

جنب أهلك وبيتك وسائل الشر والفساد التي تفتك بالعقيدة السلفية والأخلاق النقية وتجرف من تلقى ما فيها إلى عقائد الخوارج والرفض والصوفية والقبورية أو إلى الإلحاد والانسلاخ من الدين. كما أن فيها من جانب آخر ما يفتك بالأخلاق والقيم والعفة والحياء والآداب الإسلامية بما تدعو إليه بأسلوب مباشر وغير مباشر إلى الاختلاط والسفور والمتع المحرمة.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ..

الخطبة الثانية …/

أما بعد :

اتقوا الله واحذروا مكره فمن مكرَ مكرَ الله به والله خير الماكرين , ومعنى مكر الله أن يوصل عقوبته للعبد من حيث لا يشعر, فإذا كنت في خير وعافية ونعم من الله متوالية وأنت مقيم على معصيته فاعلم أنك تستدرج وأنك ممكور بك من حيث لا تدري .فالله قد يوسع على أهل معصيته في أرزاقهم ويعافيهم في أبدانهم ويجمل صورهم ويطلق ألسنتهم كما قال عن المنافقين { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم. وإن يقولوا تسمع لقولهم } فهل كون العبد في نعم من الله متوالية وهو مقيم على المعصية هل معنى ذلك أنه على خير وإلى خير .. لا والله .يقول تعالى { أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين. نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون } .

وقال تعالى { فلما نسوا ما ذكروا به – أي تركوا ما أمروا به- فتحنا عليهم أبواب كل شيء –أي من الأموال والزروع والمعافاة والرخاء- حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين}

وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ” إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}.

وأخرج أحمد وغيره عن عقبة بن عامر عن النبي أنه قال: ” إذا رأيت الله يعطي العبد في الدنيا على معاصيه ما يحب, فإنما هو استدراج ثم تلا رسول الله { فلما نسوا ما ذكروا فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين}

وقد حذر سلف الأمة من الإغترار بمكر الله واستدراجه, هذا أبو حازم يقول ” إذا رأيت الله يتابع نعمه عليك وأنت تعصيه فاحذره, وكل نعمة لا تقرب من الله عز وجل فهي بلية “

وتلا قتادة قوله تعالى { حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة } ثم قال: بغت القومَ أمرُ الله, ما أخذ الله قوماً قط إلا عند سلوتهم وغِرتهم ونعيمهم فلا تغتروا بالله فإنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون .

إخوة الإسلام …

One comment

  1. احسن الله اليكم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *