جديد الإعلانات :

العنوان : من أحكام شَعر البدن

عدد الزيارات : 2810

الخطبة الأولى

أما بعد :

إن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة ومما زين به صورته أن خلق له شعراً لحكم ومنافع عظيمة منها ما يدركه العقل ومنها ما لا يدركه ، ورتب عليه أحكاماً شرعية منها الواجب ومنها المستحب ومنها المباح ومنها المكروه ومنها الحرام. وفي هذه الخطبة إشارة إلى بعض أحكامه:

فمنها أنه يسن حلق شعر الصبي في سابع يوم لولادته ويتصدق بوزنه فضة فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه. رواه أهل السنن وقال الترمذي: حسن صحيح.

ومنها : مشروعية قص الشارب وتخفيفه وإنهاكه دون حلق : فلا يترك الشارب حتى ينزل على الشفة. ويخفف منه بحيث لا يُترك حتى يكثر قال صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة وذكر منها قص الشارب وقال : (جزوا الشوارب) وقال: (احفوا الشوارب) فتطويل الشوارب وتركها دون قص أو تخفيف  مخالفة من المسلم للهدي المشروع الذي ينبغي أن يكون عليه.

ومنها تحريم حلق اللحية فحلقها حرام لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإعفائها وإرخائها وتوفيرها في روايات متعددة قال النووي رحمه الله (حصل خمس روايات : أعفوا وأوفوا وأرخوا وأرجوا ووفروا، ومعناها كلها : تركها على حالها . هذا هو الظاهر من الحديث الذي تقتضيه ألفاظه) اهـ

فحلقها حرام لما فيه من المخالفة لهذه النصوص الصريحة الآمرة بإعفائها و كذا يحرم التخفيف منها أو تحسينها كما يقال .

ومنها مشروعية نتف الإبط فنتفه من الفطرة التي رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم ولو أزاله بغير النتف فلا حرج عليه وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في قص الشارب ونتف الإبط وقص الأظافر وحلق العانة وهو الشعر الخشن الذي ينبت حول الفرج وأمر ألا تترك فوق أربعين ليلة

ومنها : كراهة القزع الذي هو حلق بعض شعر الرأس وترك بعضه فالإسلام دين عدل يكره الظلم حتى في مثل هذه الصورة وإذا كان القزع بقصد التشبه بالمشركين صار حراما.

ومنها : تحريم  النمص وهو نتف شعر الحاجب ومثل ذلك حلقه أو قصه فإن النمص من الكبائر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعلته  وأفتت اللجنة الدائمة بتحريم التشقير الذي هو صبغ الحواجب حتى تظهر المرأة كأنها نامصة أما إذا كان في الحاجب تشويه فأزالت المرأة أو الرجل هذا العيب فلا حرج في هذه الحال إنما المحرم ما كان بقصد التزين والتجميل والزيادة في الحسن.

وأما شعر البدن فالظاهر أنه لا حرج على المرأة في إزالته لما فيه من المصلحة في العشرة الزوجية، ولأنه من المسكوت عنه وما سكت عنه فهو عفو تخفيفاً من الله ورحمة.

ومنها : كراهية نتف الشيب من شعر الرأس وأما نتفه من الوجه أو اللحية فهذا حرام لأنه داخل في النمص.

ومنها : مشروعية صبغ الشيب بغير السواد  لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن اليهود والنصارى لايصبغون فخالفوهم ))متفق عليه

وأما صبغه بالسواد فقد ثبت  النهي عنه كما في حديث جابر بن عبد الله قال: أُتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد )) رواه مسلم .

وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد كحواصل الحمام لايريحون رائحة الجنة)) أخرجه أحمد وصححه الحاكم وعبد الحق الأشبيلي وقال ابن مفلح إسناده جيد وقال الحافظ ابن حجر إسناده قوي وصححه ابن حبان ، ومن المعاصرين  صححه : أحمد شاكر وابن باز والألباني ومقبل بن هادي رحمهم الله.

وأما صبغ المرأة شعرها  بغير الأسود فالأصل الجواز ولكن يحرم على المرأة التشبه بالكافرات في صبغه أو هيئة مِشطته لأن التشبه بغير المسلمين حرام في الشريعة  الإسلامية  قال صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم )) .  بارك الله لي ولكم  في القرآن العظيم … الخ

الخطبة الثانية:

أما بعد :

ومن الأحكام المتعلقة بالشعر الذي في البدن مشروعية إكرام المسلم لشعره وذلك بدهنه وترجيله أي تمشيطه لا يتركه شعثاً فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يدهن غبا ويكتحل وترا ومعنى يدهن غبا أي يوم بعد يوم والمقصود ألا يتركه يتشعث

وكذلك لا ينبغي أن تكون همة الشاب مصروفة إلى شعره فيقضي في إصلاحه الوقت الكثير  وينفق عليه المال الوفير فهذه من الآفات التي يبتلى بها كثير من الشباب.

وأما توفير شعر الرأس بقصد التشبه بالموضات الوافدة من بلاد الكفار  فهو أيضا  حرام  وكذلك العناية به بقصد التوصل إلى بعض المحرمات  فهذا كله ينقله من الإباحة إلى التحريم لأن الأمور بمقاصدها

وعلى الشاب أن لا يسلك مسالك المعروفين بالفسوق  والفجور لأن التشبه بهم في الظاهر يورثه محبتهم والقرب منهم حتى يتشبه بهم في سلوكهم وانحرافهم والعياذ بالله

وهكذا أيضا توفير الشعر بقصد التشبه بخوارج العصر أيضا هذا قصد سيء لا يقر عليه من فعله لاسيما من الشباب.

ومنها:  أن الأفضل للمرأة أن تبقي شعرها  دون قص لأنه جمال وزينة لها ولهذا يحرم عليها حلقه لغير ضرورة طبية أما قصه على صورة تشبه فيها صورة الرجل فهذا حرام بل كبيرة.

وكذلك قصه على صورة تشبه فيها الكافرات فهذا حرام أيضا  ومما ينبغي أن تنتهي عنه المرأة بذل المال الكثير من  أجل تزيين الشعر وتصفيفه وصبغه  فهذا من الإسراف وإضاعة المال نعم تتزين المرأة لزوجها ولكن لا يصل بها ذلك إلى إضاعة المال الكثير والوقت الكثير وربما تعرضت في هذه الأوقات إلى تصويرها  وتوصل السفهاء إليها لا سيما فيما يعرف بالمشاغل وما جرى من الحوادث في هذا الباب يقتضي أخذ الحيطة والحذر.

ومنها : أن بعض النساء تصبغ شعرها بمادة عازلة للماء يكوّن طبقة على الشعر تمنع وصول الماء إليه وتمكث الشهور الطويلة قبل أن تزول فهذه المادة محرمة إذا ثبت منعها وصول الماء إلى الشعر لأن الطهارة الواجبة لا تتم معها.

ومنها أنه لا يجوز للمرأة أن تصل شعرها بشعر آخر ومن فعلت ذلك استحقت اللعنة الواردة في الأحاديث الصحيحة والعياذ بالله لكن لو كانت المرأة لا شعر لها أصلاً فلا بأس أن تلبس شعراً صناعياً لإنه والحالة هذه من باب إزالة العيوب.

أسأل الله لي ولكم الفقه في الدين وحسن الاقتداء بخاتم النبيين

One comment

  1. أبو عائشة البياتي

    جزاك الله خيرا ونفع بك

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *