توقير كبار السن اسم الله تعالى (الحفيظ) و (الحافظ) اسم الله تعالى (الفَتّاح). مكانة المساجد والمحافظة عليها. التحذير من الغيبة والنميمة التحذير من جهلة مفسري الأحلام تعظيم شأن الجمعة والتذكير ببعض أحكامها.

العنوان : فضل قيام الليل

عدد الزيارات : 3593

أما بعد:

فإن الله تعالى شرع لعباده نوافل الطاعات لتكون باباً لهم يلجون منه إلى مضاعفة الحسنات ورفعة الدرجات وتكفير السيئات واستغلال الأوقات وتكميل النقص الذي يكون في الواجبات

ومن قام بالواجبات ثم استكثر من النوافل محسناً مخلصاً كان من أولياء الله الذين يحفظهم في أسماعهم وأبصارهم وأيديهم وأرجهلم إذا دعاه أجابه وإذا سأله أعطاه وإذا استعاذ به أعاذه كما في حديث الولي المشهور.

وإن من النوافل المؤكدة قيامَ الليل فقد أمر الله به نبيه وشرعه لعامة الأمة فقال تعالى (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً) فأمره بقيام الليل ووعده المقام المحمود وهو الشفاعة العظمى التي لا ينالها أحد غير محمد صلى الله عليه وسلم.

ووصف الله المتقين الفائزين بجنات النعيم فقال (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون)

أي أنهم ينامون جزءا من الليل ويقومون جزءاً أخر ثم إذا جاء السحر ودنا الفجر أخذوا في الاستغفار لما سلف من ذنوبهم ولما مضى من تقصيرهم فما أحسن وصفهم إذ جمعوا بين القيام بعبادة ربهم وبين خوفهم من عقابه ورجائهم في مغفرته وحسن جزائه.

وقال تعالى (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفسي ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) أي يقومون يصلون من الليل فلا تغلبهم لذة المضاجع ودفء الفرش وحلاوة النوم بل يغلبونها بتوفيق ربهم وإعانته لهم

فيصفون أقدامهم قائمين لربهم يتلون أياته ويسبحونه ويعظمونه ويدعونه جامعين بين الخوف من بأسه وبطشه والطمع في جوده وكرمه، ثم هم ينفقون مما رزقهم الله زكاة واجبة أو صدقة نافلة [أو علماً ينتفع به]

فمن كانت هذه صفته في الدنيا أعد الله له ثواباً في الأخرة لا يعلمه إلا الله مما تقر به أعينهم وتشتهيه أنفسهم ومالا يخطر على بالهم من النعيم المقيم أخفا الله جزاءهم إذ أحفوا أعمالهم والجزاء من جنس العمل عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} متفق عليه

وفي صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة أنه حدث الناس على المنبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً قَالَ هُوَ رَجُلٌ يَجِىءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ فَيُقَالُ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ فَيُقَالُ لَهُ أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ رَضِيتُ رَبِّ. فَيَقُولُ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ. فَقَالَ فِى الْخَامِسَةِ رَضِيتُ رَبِّ. فَيَقُولُ هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ.

فَيَقُولُ رَضِيتُ رَبِّ. قَالَ رَبِّ فَأَعْلاَهُمْ مَنْزِلَةً قَالَ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِى وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ». قَالَ وَمِصْدَاقُهُ فِى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) الآيَةَ.

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – يَرْفَعُهُ قَالَ سُئِلَ _ أي النبي صلى الله عليه وسلم َأىُّ الصَّلاَةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ وَأَىُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ « أَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلاَةُ فِى جَوْفِ اللَّيْلِ وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ ».

وكان صلى الله عليه وسلم أول المبادرين إلى هذه العبادة فكان يقوم ويقوم حتى تفطرت قدماه وتشققت فأشفق عليه أصحابه فكلموه وذكروه بأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال (أفلا أكون عبداً شكوراً) ..

وفي الليل كل ليلة ساعة إجابة لا يوافقها عبد مسلم إلا استجيب له ففي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ فِى اللَّيْلِ لَسَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ».

وكلما أخر العبد الصلاة الى الثلث الأخير كان أفضل فإنه وقت التنزل الإلهي إلى سماء الدنيا مناديا عباده وأحرى أن تكون تلك الساعة فيه فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ ». متفق عليه

font class=”Apple-style-span” size=”5″ face=”times new roman”>فصلوا بالليل ما كتب لكم وتواصوا به فيما بينكم فقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم الناس بقيام الليل أول ما دخل المدينة مهاجراً وبين أنه من أسباب دخول الجنة مع تنبيه على خصال أخر فقال أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام رواه الترمذي

ويشرع للرجل أن يقوم وأن يوقظ امرأته وأن تقوم وتوقظ زوجها فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته؛ فإن أبَتْ نضح في وجهها الماء! رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها؛ فإن أبى نضحت في وجهه الماء! “. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.

أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المسارعين إلى الخيرات المبادرين إلى الطاعات المجانبين لما يسخط الله من المعاصي والسئيات

أقول هذا القول وأستغفر  الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

أما بعد:

 فالمشروع في قيام الليل أن يكون تؤدى ركعتين ركعتين ويختمها بوتر ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بإحدى عشرة ركعة ومن زاد أو نقص فلا إثم عليه.

والمشروع للمسلم أن يواظب على قيام الليل ولا يتركه ففي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو (يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل) متفق عليه.

ويشرع له أن  يفتتح صلاته بركعتين خفيفتين.

ومن كان له ورد من الليل فنام عنه أو شغل عنه قضاه من النهار ما بين ارتفاع الشمس وزوالها لكن يصليها شفعا فمن كان ورده تسع ركعات صلاها من النهر عشر ركعات وهكذا..

أيها الإخوة :

إن قيام الليل ليس محصوراً في رمضان إنما الذي يشرع في رمضان أن تؤدى جماعة وأما بقية السنة فهي مشروعة لكن تؤدى فرادى، ولو صلى اثنان أو أكثر جماعة من غير اتفاق ولا تواطء فلا حرج أما أن يتواعد اثنان أو أكثر للاجتماع عليها فهذا غير مشروع بل يدخل في المحدثات المبتدعات والله أعلم.

فحافظوا على الفرائض والسنن الرواتب ونوافل الصلاة ولا سيما في جوف الليل حتى تكون لكم ذخراً عظيماً وأجراً كبيراً يوم القدوم على الله .

معاشر المؤمنين…


اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مُعلمة بـ *