العنوان : أبي ذر في الإحسان إلى الخدم
10- قال معرور _ بن سويد الكوفي_ : مررنا بأبي ذر رضي الله عنه وعليه ثوب وعلى غلامه حلة، فقلنا: لو أخذت هذا وأعطيت هذا غيره كانت حلة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا يكلفه ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه” متفق عليه واللفظ للبخاري في الأدب المفرد.
راوي الحديث:
أبو ذر الغفاري الصحابي المشهور اسمه جندب بن جنادة على الأصح وقيل برير بموحدة مصغر أو مكبر واختلف في أبيه فقيل جندب أو عشرقة أو عبد الله أو السكن تقدم إسلامه وتأخرت هجرته فلم يشهد بدرا ومناقبه كثيرة جدا مات سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان ع
مفردات الحديث:
ثوب: أي إزار
غلامه: مملوكه.
حلة: أي ثوبان إزار ورداء ، واحدة الحُلل، وهي برود اليمن، ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد
تحت يده: تحت قدرته وتصرفه لأنه مملوك له.
ما يغلبه: ما لا يطيقه من الأعمال.
المعنى الإجمالي للحديث:
يوصي النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى المماليك والخدم لضعفهم بإحسان لباسهم وإحسان طعامهم، وعدم تكليفهم من الأعمال ما يشق عليهم، فإن كلفوهم سادتهم بشيء من الأعمال التي فوق طاقتهم فليعينوهم حتى يخف الحمل عنهم.
ما يستفاد من الحديث:
- فضل أبي ذر رضي الله عنه حيث أكرم مملوكه امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فكان يلبسه مما يلبس بل حسب هذه الرواية ألبسه خيراً مما يلبس هو فلبس أزاراً فقط والبس مملوكه إزاراً ورداء.
- فضل دين الإسلام وعنايته بالحقوق ولا سيما حقوق الضعفاء كالنساء والأطفال والأيتام والمماليك والأسرى والفقراء ونحوهم فأمر بالإحسان إليهم والعطف عليهم.
- من الإحسان إلى المملوك إحسان طعامه وشرابه ولباسه وسكنه بحيث يكون لائقاً به مناسباً له بالمقدار المتعارف عليه في البلد. وليس من شرط هذا الإحسان أن يكون لباس المملوك كلبس سيده أو طعامه كطعامه لأن العادة والعرف لم تجر بهذا، فإن ساواه بنفسه فهل تفضل وتكرم من السيد كما فعل أبو ذر رضي الله عنه.
- من الإحسان إلى المملوك أن لا يكلف عملاً شاقاً فوق طاقته، فإن كلفه ما يشق عليه فليعنه إما بنفسه وإما بغيره رفعاً للضرر عنه.
- ياخذ حكم المملوك في الإحسان ومراعاة عدم التكليف فوق الطاقة من يعمل عند الإنسان من الخدم والسائقين والعاملات بل حتى الدواب التي ينتفع بها في الحرث والركوب وحمل المتاع يؤمر المسلم بالإحسان إليها طعاماً وشراباً وعملاً فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا لرجل الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت، فقال: «من ربُّ هذا الجمل، لمن هذا الجمل؟» ، فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله. فقال: «أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه» رواه أحمد وأبو داود. والمعنى أن الجمل يشتكي صاحبه أنه يجيعه فلا يعطيه ما يكفيه من الطعام ويشق عليه في العمل ويتعبه فلا يريحه. فما أحسن دين الإسلام وما أكمله ..وما أرحم من شرعه وارتضاه والله أعلم.