العنوان : خطبة عيد الأضحى لعام 1438هـ
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن عيد الأضحى مناسبة عظيمة يفرح فيها المسلمون بإتمام الركن الخامس من أركان دين الإسلام ألا وهو الحج إلى بيت الله الحرام فإن هذا اليوم هو يوم الحج الأكبر لأن الحجاج يؤدون فيه معظم مناسك حجهم فبعد أن وقفوا بعرفات وباتوا بمزدلفة خير مبات فإنهم يفيضون إلى منى فيرمون جمرة العقبة وينحرون هديهم ويحلقون رؤوسهم ويطوفون بالبيت ويسعون بين الصفا والمروة وذلك معظمُ الحج وأكثرُه..
ويفرح فيه المسلمون ممن لم يشهدوا الحج بما امتن الله به عليهم من الشعائر والعبادات التي يشاركون بها الحجاج من بعض الوجوه فإذا كان الحاج يحظر عليه بعض المباحات بسبب إحرامه فمن أراد الأضحية فإنه لا يحلق شعره ولا يقلم أظفاره من هلال ذي الحجة إلى أن يضحي..
وإذا كان الحاج قد شرعت له التلبية من حين إحرامه إلى أن يشرع في رمي جمرة العقبة فالحاج وغير الحاج قد شرع لهم الاجتهاد في التكبير من حين دخول العشر إلى أخر أيام التشريق لقوله تعالى (ويذكروا اسم الله في ايام معلومات) قال قتادة أيام العشر..
وإذا كان الحاج قد شرع له الوقوف بعرفة فغير الحاج قد شرع له صوم يوم عرفة ووعد على صيامه إياه إيماناً واحتسابا بتكفير سيئات سنتين فضلا من الله ورحمة
وإذا شرع للحاج أن يجتهد في الدعاء فكذلك شرع لغير الحاج أن يجتهد في الدعاء وأن يستكثر منه فخير الدعاء دعاء يوم عرفة وإن كان للحاج في ذلك من المزية ما ليس لغيره لشرف المكان ولتلبسه بالإحرام.
وإذا كان الحاج قد شرع في حقه الهدي للتمتع والقران فغير الحاج قد شرع له أن يهدي إلى البيت الحرام ما شاء من أبل أو بقر أو غنم.. يرسلها إلى الحرم وهو مقيم في بلده لا يحرم عليه شيء أحل له فتذبح في الحرم وتوزع على أهله..
كما شرع له التقرب إلى الله بذبح الاضاحي في هذا اليوم إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق فضلا من الله ونعمة.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
معاشر المسلين:
إن من أعظم القربات في هذا اليوم التقربَ الى الله بذبح الأضاحي توحيداً لله وتقربا إليه فليس المقصود اللحم فالله غني عن خلقه كما قال تعالى (لن ينال اللهَ لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم )
ومن أحكام الأضاحي على وجه الاختصار أنها لا تكون إلا من بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم ، ولا بد فيها من بلوغ السن المعتبرة فلا يجزي من الإبل إلا ما تم له خمس سنين ولا من البقر الا ما تم له سنتان ولا من الماعز الا ما تم له سنة أما الضأن خاصة فيجزئ منها الجذع وهو ما تم له ستة أشهر.
ومن أحكامها وجوب سلامتها من العَوَر البين والعرج البين والمرض البين والضعف البين الذي لا يبقى معه مخ في عظامها. وما كان أشد من هذه العيوب من باب أولى.
وكلما كانت الأضحية أسمن وأكمل كلما كانت أكثر أجراً لأنه من تعظيم شعائر الله والله تعالى يقول (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) قال ابن عباس “استعظامها، واستحسانها، واستسمانها”
ووقت الذبح من بعد صلاة العيد فمن ذبح قبل الصلاة فهي شاة لحم لا أضحية وينتهي وقت الذبح بغروب الشمس آخر أيام التشريق أي الثالث عشر من شهر ذي الحجة. والذبح في اليوم الأفضل لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه من عشر ذي الحجة والعمل الصالح فيها أحب إلى الله من العمل في غيرها.
ويجوز الذبح في الليل والنهار والذبح في النهار أفضل لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
والمشروع في الأضاحي أن يأكل منها ويتصدق ويهدي لقوله تعالى (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) ولحديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (كلوا وأطعموا وادخروا) متفق عليه.
ولا يجوز أن تكون أجرة الجزار منها لا من لحمها ولا من جلدها فعن علي رضي الله عنه أنه قال ( أمرني النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أنْ أقُومَ على بُدْنِهِ، وأتصَدَّقَ بلحمها وجُلُودِها وأَجِلَّتها، ولا أُعْطِيَ الجزَّارَ منها. وقال: نحنُ نُعْطيه من عندنا» . أخرجه البخاري ومسلم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: إنه اجتمع في يومكم هذا عيدان حيث وافق عيد الأضحى يوم الجمعة فمن صلى العيد فهو بالخيار إن شاء صلى الجمعة وإن شاء صلى الظهر ولا يجوز لأحد أن يدع الصلاتين معاً اكتفاء بصلاة العيد بل الواجب عليه إما أن يصلي الجمعة وإما أن يصلي الظهر. بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم..
الخطبة الثانية
الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان واقتفى أثرهم. وسلم تسليما
أما بعد:
إخوة الإيمان: اتقوا الله تعالى وتزودوا لأخرتكم فإن خير الزاد التقوى أفردوه بالعبادة ولا تشركوا معه في عبادته أحداً سواه حافظوا على الصلوات الخمس وأداء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ـ اجتنبوا ما نهيتهم عنه من القتل والزنا والفواحش وأكل المال بالباطل. وغير ذلك مما حرم الله عليكم..فإن الذنوب توبق دنيا العبد وآخرته..
الزموا السمع والطاعة لولاة أموركم كما أمركم الله وأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوصاكم السلف الصالح ، فإنه لا يستقر لكم أمن ولا يطيب لكم عيش إلا بلزوم السمع والطاعة في المعروف. قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
احذروا دعاة الفتن والفوضى فلقد أطاعهم كثير من الناس واغتروا بدعوتهم للثورات فما جنوا إلا الخوف والفقر والتشرد وخراب الديار، فاتعظوا واعتبروا والسعيد من وعظ بغيره.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
نساء المسلمين الزمن السنة وعقيدة السلف الصالح فإن المرأة قد تكون خارجية تكفيرية فالضلال العقدي والمنهجي لا يختص بالرجال فقط، فاحذرن المناهج الضالة التي تجر أهلها لتكفير المسلمين واستحلال دمائهم والطعن في ولاة الأمور وتزيين الخروج عليهم ونقض بيعتهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم وصف دعاة هذه المناهج بالدعاة على أبواب جهنم وتوعدهم بأنهم يكونون يوم القيامة كلاباً في النار والعياذ بالله.
احرصن مع سلامة المعتقد على الحرص التام على العفة والحشمة والستر وترك التبرج والسفور ومخالطة الأجانب فإنها من أسباب الفواحش والانحراف والفتنة قال صلى الله عليه وسلم عن المتبرجات الكاشفات ما أمر الله بستره (صنفان من أهل النار لم أرهما .. ثم قال . ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها)
قمن بواجبكن في رعاية الأزواج وتربية الأبناء وإصلاح البيوت والتعاون مع الأزواج على البر والتقوى حتى تكون البيوت بيوت سعادة وصلاح وتقوى قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وقال صلى الله عليه وسلم (والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين اللهم صلَّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وخلفائه الراشدين وعامة أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين. اللهم احفظ بيتك ومسجد رسولك صلى الله عليه وسلم واحفظ الحجاج والمعتمرين ويسر لهم أداء مناسكهم آمنين. اللهم اجزِ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على جهودهم العظيمة في خدمة الإسلام والمسلمين عامة وفي خدمة ضيوف الرحمن بصفة خاصة. اللهم وفقهم بتوفيقك وأيدهم بتأييدك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.
اللهم وفق جيوشنا ورجال أمننا واربط على قلوبهم وثبت أقدامهم وسدد رميهم. ومكنهم من عدو بلاد التوحيد والحرمين الشريفين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جزاك الله خيرا