جديد الإعلانات :

العنوان : الدعاء في رمضان خطبة مكتوبة

عدد الزيارات : 16606

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى معشر الصائمين فإن الصيام إنما شرع لتحقيق التقوى كما قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فامتثلوا أوامر ربكم واجتنبوا نواهيه واحذروا الهوى ودواعيه ، فلا راحة للنفس ولا سعادة لها ولا طمأنينة إلا في طاعة ربها والتعلق به وحده واجتناب معصيته سراً وجهراً.

عباد الله:

إن الصيام والدعاء عبادتان جليلتان ومقامان عظيمان من مقامات العبودية لله رب العالمين، وبينهما ارتباط وثيق ولعل مما يشير إلى هذه العلاقة بين الصيام والدعاء أن قوله تعالى { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} جاء في ضمن آيات الصيام.

وإذا كانت غاية الداعي من دعائه إجابة دعوته فقد دلت السنة على أن الصيام من أسباب إجابة الدعاء كما قال صلى الله عليه وسلم ” ثلاث دعوت لا ترد: دعوة الوالد ودعوة الصائم ودعوة المسافر “. رواه البيهقي عن أنس رضي الله عنه. وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ثلاثة لا يرد دعاؤهم الإمام العادل والصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم” [رواه أحمد بسند فيه تابعي مجهول].

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه إذا أفطر عند ناس قال: ” أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وتنزلت عليكم الملائكة” رواه أحمد. وكان يقول صلى الله عليه وسلم عند فطره (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) وقوله صلى الله عليه وسلم ثبت الأجر إن شاء الله يحتمل أن يكون خبراً بمعنى الدعاء.

وعن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن للصائم عند فطره لدعوةً ما ترد) قال ابن أبي مليكة: سمعت عبد الله بن عمرو إذا أفطر يقول: (اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي). رواه ابن ماجه وصححه البوصيري وحسنه ابن حجر وضعفه آخرون.

فهذه الأحاديث والآثار بمجموعها تفيد أن الصيام من أسباب إجابة الدعاء فعلى الصائم أن يستغل زمن صيامه وأن يجتهد في صالح الدعاء لعل الله تعالى أن يجيب دعاءه.

عباد الله إن الدعاء عبادة بل كما قال صلى الله عليه وسلم (الدعاء هو العبادة) وإذا كان عبادة فلنحرص على لزوم الآداب الشرعية والأحكام المرعية التي جاءت بها الأدلة في باب الدعاء ومنها وهو أعظمها وآكدها:

إفراد الله بالدعاء واجتناب دعاء غيره دعاء عبادة أو توسل قال تعالى (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) فمن دعا ميتاً أو غائباً، نبياً أو ولياً  ملكاً أو جناً في حال رخاء أو شدة فقد اتخذه شريكاً مع الله تعالى والعياذ بالله وذلك هو الذي بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم يحذر منه وينهى عنه.

ومن آداب الدعاء رفع اليدين عند الدعاء إظهاراً للتذلل والمسكنة والحاجة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه للدعاء في مواطن ودلت السنة أيضاً على أن رفع اليدين من أسباب استجابة الدعاء.

ومنها تكرار الدعاء والإلحاح فيه فإن الله تعالى يحب ذلك من عبده، ومنها أن يحسن ظنه بربه ويظن بربه إجابة الدعاء ولو طال الأمد كما قال صلى الله عليه وسلم  “يُسْتَجَابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لي” متفق عليه. ومنها أن يقرن دعاءه بما يكون سبباً لإجابة دعائه كالتوسل بأسماء الله وصفاته كأن يقول اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله أنت أن تغفر لي. ومثل اللهم أنت الرحمن الرحيم فارحمني.  وكالتوسل إلى الله بالعمل الصالح  كما علمنا الله تعالى أن نقول (ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار) فذكروا أولاً إيمانهم بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم ثم ذكروا حاجتهم وهي طلبُ المغفرة والتكفير والتوفي مع الأبرار.

 نسأل الله تعالى أن يرزقنا خير المسألة وأحسنها إنه سميع الدعاء . أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واجتهدوا في هذا الشهر بإحسان أقوالكم وأعمالكم والمداومة على نوافل الطاعة بجانب حفاظكم على فرائضها فاستكثروا من تلاوة القرآن وإطعام الطعام والإحسان بالصدقات ولو بالقليل وتحلوا بمحاسن الأخلاق حال صيامكم وحال فطركم بل كونوا حال الصيام أشد حرصاً على التحلي بمحاسن الأخلاق ولا سيما التحلي بالصفح والعفو والإيثار ومقابلة السيئة بالحسنة كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

عباد الله:

إن القنوت في الوتر سنة فقد علّم النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي ما يقول في قنوته، وتعليمه للحسن رضي الله عنه تعليم للأمة كلها.

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت في وتره وثبت عن عدد من الصحابة منهم عمر رضي الله عنه. كما روي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يداومون عليه في كل وتر. إذ القنوت في الوتر ليس من الواجبات المتحتمة.

إخوة الإسلام:

إن دعاء القنوت في صلاة التراويح تقع فيه بعض الأغلاط التي يجدر التنبيه عليها ومنها التغني بالدعاء ومعاملته كتلاوة القرآن في المدود والغنة ونحو ذلك والتغني إنما جاء في شأن القرآن وليس في الدعاء.

ومنها الإطالة فيه مع أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم الحسن دعوات طيبات مختصرات وهي أن يقول «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت» وفي رواية “وصلى الله على النبي محمد”.

فالإطالة فيه ولا سيما من الأئمة ليست مشروعة وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وليحرص الإمام والمنفرد على الأدعية المأثورة قدر الإمكان فخير الأدعية أدعية الكتاب والسنة لأنها أدعية جوامع مختصرة الالفاظ واسعة المعاني شاملة لخير الدنيا والآخرة.

ومنها أن يتكلف السجع في دعائه حتى تتوافق أواخر الجمل، فالتكلف فيه مذموم منهي عنه بخلاف ما يأتي سجية بدون تكلف.

ومنها أن يدعو بما لا يجوز شرعاً كالدعاء على ولاة الأمور تصريحاً أو تلميحاً، أو يدعو بما أخبر الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أنه لا يكون.

ومنها التفصيل في صفة الجنة أو النار ونحو ذلك فقد سمع أحد الصحابة ابنه وهو يفصل دعائه في طلب نعيم الجنة وفي استعاذته من النار فنهاه وزجره وأخبره أن هذا من الاعتداء في الدعاء. أي والاعتداء في الدعاء لا يجوز ثم أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيكون قوم يعتدون في الدعاء وتلا قول الله تعالى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} فلنحذر أن نكون من المعتدين، وعلى الأئمة أن يقفوا عند حدود الشرع ولا يرضخوا لطلبات العوام التي تخالف الشرع.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا وأيد بالنصر والظفر جنودنا، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا ولا تحرمنا فضلك بذنوبنا وتقصيرنا. اللهم صل وسلم على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

2 comments

  1. يالها من خطبة ممتازة!

  2. خطبة ممتازة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *