العنوان : الحديث الثاني: من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً..
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الحِيتَانُ فِي المَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه واللفظ للترمذي.
ترجمة راوي الحديث:
عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري أبو الدرداء مختلف في اسم أبيه وأما هو فمشهور بكنيته وقيل اسمه عامر وعويمر لقب. صحابي جليل أول مشاهده أحد وكان عابداً مات في أواخر خلافة عثمان وقيل عاش بعد ذلك ع.
سبب رواية أبي الدرداء للحديث:
قال كثير بن قيس: كنت جالسا عند أبي الدرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجل، فقال: يا أبا الدرداء، أتيتك من المدينة، مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لحديث بلغني أنك تحدث به عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: فما جاء بك تجارة؟ قال: لا، قال: ولا جاء بك غيره؟ قال: لا، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سلك طريقا.. » الحديث.
فقه الحديث وفوائده:
- فضل طلب العلم الشرعي لأن طلبه من أسباب دخول الجنة فالعلم الشرعي يدلك على أسباب دخول كالتوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج فتفعلها ويدلك على أسباب دخول النار كالشرك والبدع والفسوق فتجتنبها.
- طرق العلم ليس محصورة في الطرق الحسية كالمشي من البيت إلى حلقة العلم في المسجد أو الجامعة بل تشمل أيضاً الطرق المعنوية كالقراءة والبحث والاستماع للعلم الشرعي.
- من فضل الله تعالى أنه ييسر لطالب العلم طرق دخول الجنة فيمنّ عليه بالعلم الذي يدخل به الجنة وعلى رأس ذلك التوحيد كما أن الله تعالى ييسر له طريقه الحسي إلى الجنة فيكون معه برحمته ورعايته ولطفه وتوفيقه في قبره وفي حشره وعند الميزان وعلى الصراط حتى يدخل الجنة.
- إكرام الملائكة لطالب العلم بوضع أجنحتها له ، وهذا من أمر الغيب نؤمن به ونصدق به وإن كنا لا نراه.
- إكرام الله تعالى للعالم الذي يعمل بعلمه ويعلمه الناس وذلك بأن يسخر له من في السموات والأرض حتى الحوت في البحر والنمل في الجحر تستغفر له وتدعو له.
- من أسباب تسخير هذه المخلوقات تستغفر للعالم: أولاً: أن العلماء يبيون حقوق هذه المخلوقات للناس فيقوم الناس بحقها فمثلاً يبين العالم للناس وجود الملائكة ومكانتهم ووجوب الإيمان بهم ومحبتهم في الله ويبين لهم ثناء الله عليهم في كتابه والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته فيقوم الناس بسبب العلماء بحق الملائكة، ويبين العلماء للناس الأحكام المشروعة في التعامل مع الدواب والبهائم وما يحل منها وما يحرم منها وكيف تذكى والحالات التي يحرم فيها قتلها فينالها بسبب العلماء خير كثير. ثانياً: أن العلماء يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فيكثر الخير ويقل الشر فيحصل بسبب ذلك فتح أبواب البركات من السماء والأرض فينتفع بها الإنسان والدواب وما شاء الله من خلقه. ولو عُدم العالم الذي يقوم بالنصح والتذكير لظهر الشر وكثر الخبث فنزلت العقوبات العامة التي تهلك الصالح والطالح والناس والدواب والأشجار والعمران.
- فضل العالم على العابد لأن العلم نفعه متعد وأما العابد _إذا كان صاحب سنة ويعبد الله على علم_ فنفع عبادته لنفسه والنفع المتعدي أكثر أجراً وثواباً من النفع الخاص بصاحبه.
- شرف العلم الشرعي لأنه ميراث النبي صلى الله عليه وسلم فمن أخذه فقد فاز بحظ وفير وخير كثير.
- قوله صلى الله عليه وسلم (وإنما ورثوا العلم) دليل على أن الآيات والأحاديث الواردة في فضل العلم وأهله أن المقصود هو العلم الشرعي لأن الأنبياء إنما جاؤوا بهذا النوع من العلم ولم يورثوا للناس العلوم الدنيوية كالطب والهندسة والرياضيات وغيرها من العلوم الدنيوية.
فالعلم الشرعي به صلاح القلوب والعبادات والأخلاق والسعادة في الدنيا والآخرة ولذا لا يجوز تعلمه إلا بقصد الثواب والأجر من الله.
أما العلوم الدنيوية فمن طلبها لأجل المال والدنيا فليس عليه إثم لأن المقصود بها اصلاً إصلاح الدنيا، لكن لو تعلمها ينوي بتعلمها نفع المسلمين والإحسان إليهم كان له أجر على تلك النية الطيبة. والله أعلم.
كلمةالعلم تشمل جميع العلوم وتخصيصه بالعلم الشرعي فيه نظر علماء النفس وعلماء طب البدن كثير ماتجي لهم استشهادات من القرآن والسنه . وكثير من الآيات توجه الإنسان إلى النظر في عموم العلوم لأن العلم يظبط الإنسان ويعلمه الأدب مع الله
حديث راءع
شكرا على شرح ?
بارك الله فيكم
من خلال الحديث وضح ذلك العلم طريق الجنة