جديد الإعلانات :

العنوان : التحذير من أكل القات

عدد الزيارات : 7181

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن من حكمة الله تعالى ولطفه بعباده أن أباح لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث فقال سبحانه وتعالى في صفة نبيه صلى الله عليه وسلم {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} فيدخل في الطيبات كل طعام نافع تحصل به تغذية البدن ونموه وقوته سواء سماه الله أو لم يسمه، ويدخل في الخبائث كل طعام ضار يضر بالبدن أو العقل أو النفس سواء سماه الله أو لم يسمه.

ومن العلامات الظاهرة التي تدل على خبث الطعام أن تجتمع فيه جملة كبيرة من الأضرار المتنوعة دون جدوى غذائية أو منفعة صحية تعود على البدن.

أيها الإخوة: إن من الشجر شجرةً ابتلي بعض الناس بتناولها والإدمان عليها بصورة غاية في الغرابة، فتراهم ينفقون نسبة كبيرة من أموالهم في سبيل الحصول عليها ولو اقتضى الحال تجويع أطفالهم ونسائهم، ويصرفون أوقاتاً غالية نفيسة كل يوم في أكلها ولو أضاعوا أعمالهم وواجباتهم وصلواتهم. مع كونها تسبب قلقاً واكتئاباً، وخدراً وفتوراً، وضعفاً وهزالاً، إلى جانب أضرارها الأخرى.

إنها شجرة القات وما أدراك ما القات؟

عباد الله: إن من تأمل بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وقواعد الشريعة المرعيّة ثم يتأمل واقع أكل القات والإدمان عليه يتضح له أنه مما تنهى عنه الشريعة وتأباه ولاتقره ولا ترضاه، ومن تلك الأدلة:

قوله تعالى في صفة نبيه ﷺ (يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) ومن هو المنْصِفُ الذي يستطيع أن يصنّف شجرة القات في جملة الطيبات مع كثرة أضرارها ومصائبها.

ومن الأدلة على حرمة القات قوله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } [المائدة: 91] والقاتُ يشبه الخمرَ والميسرَ في بعض هذه المحاذير فإن كثيراً من المخزنين يضيعون الصلاة مع الجماعة وربما أضاعوا الصلاة بالكلية وربما أضاعوا مواقيتها  فيجمعونها جمع تقديم أو جمع تأخير بغير عذر شرعي، كما أن مجالس القات تصرف غالباً في القيل والقال والغيبة والنميمة وقد يكون فيها من الحديث والمعاملات ما يؤدي إلى البغضاء والتهاجر والتقاطع.

ومن الأدلة على تحريم القات قوله صلى الله عليه وسلم « لا ضرر ولا ضرار»  ففي هذا الحديث قاعدة عظيمة وهي تحريم كل ضار، وشجرة القات عظيمة الضرر على من يتناولها في عقله وجسده ونفسه وماله، ومؤثرة تأثيراً سيئا على علاقة المدمن عليها بربه وأهله وواجباته وبالحقوق التي عليه في يومه وليلته.

ومن الأدلة على حرمة القات حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر» وقد أخبر عدد من الثقات أنها تسبب الإسكار في بعض الأحيان والتخديرَ في بعض الأحيان، وأنّ آكلها قد يطرَب وينتشي وقت أكلها ثم تهجم عليه الهموم والغموم والنعاس والنوم بعد زوال مفعولها.

ومن قواعد الشريعة أنها جاءت تأمر بالحفاظ على العقل والقات يضر به ولا ينفعه ولذا صُنّف في جملة المخدرات الممنوعة فقد أدرجته منظمة الصحة العالمية ضمن قائمة المواد المخدرة بعد دراسة استمرت ست سنوات. وألحقه المؤتمر العالمي المنعقد في المدينة بالمخدرات.

ومن قواعد الشريعة أنها جاءت بالحفاظ على المال العام والخاص، وتناول القات من أسباب الفقر والجوع وتراكم الديون فإنه لما فيه من قوة الإدمان يبذل آكلوه _ وأكثرهم من ذوي الدخول الضعيفة_ أقول: يبذل آكلوه فيه نسبة كبيرة من أموالهم حتى يصل بهم الحال إلى التضييق على أطفالهم وأزواجهم وإلى تجويعهم لتوفير المال في سبيل الحصول عليه.

عباد الله : ومن قواعد الشريعة أنها جاءت بالحفاظ على البدن فنهت عما يضره والقات كما يقول الأطباء سبب لكثير من الأمراض كضغط الدم واحتشاء عضلة القلب وأورام الفم وانعدام الشهية.

ومن قواعد الشريعة أنها جاءت بالمحافظة على العرض والنسل وعلى الأسرة وكيانها، والقات كما ذكر جماعة من أهل الاختصاص قد يسبب ضعف الباءة كما قد يسبب ضعفا وهزالا في الذرية. كما أنه يشغل رب الأسرة عن تربيتهم والعناية بهم، كما أنه يضعف الترابط الأسري فإن المخزن في الغالب يذهب أكثر يومه في جلسات القات الطويلة ثم في النوم بعده، ولا شك أن الفراغ الطويل واستمرار الإهمال وعدم القدرة على الإعفاف قد يفسح المجال للشيطان أن يوسوس بإشباع الرغبات عن طريق الحرام والعياذ بالله.

عباد الله: ومن قواعد الشريعة أنها جاءت بالحفاظ على الدين وأكل القات في الغالب من أسباب تضييع الصلاة التي هي عمود الدين والحد الفاصل بين المسلم والكافر، وسبب في الغيبة والنميمة وأكل الرشوة، وسبب في تضييع نفقة من يعول وقد قال صلى الله عليه وسلم (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت) أي لو لم يكن للشخص إلا هذا الذنب لكفى في إهلاكه في جهنم والعياذ بالله.

وسبب في تضييع كثير من ساعات العمر الغالي دون فائدة ولا جدوى وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ» رواه الترمذي وقال حسَنٌ صَحِيحٌ.

ايها الإخوة في الله : إن العاقل المنصف إذا تأمل أضرار القات ومفاسده لم يتردد في تصنيفه في جملة الخبائث التي ضررها أكبر من نفعها، فاتقوا الله عباد الله واجتنبوا كل الخبائث المحرمة من الخمور والمخدرات والقات والتدخين حفاظاً على أديانكم وأجسادكم وأموالكم وحفاظاً على دنياكم وآخرتكم.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن جملة من كبار العلماء قد أفتوا بتحريم القات ومنهم على سبيل المثال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم المفتي الأسبق للمملكة وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز وعلامة الجنوب الشيخ حافظ الحكمي رحمهم الله واللجنة الدائمة للإفتاء.

فالواجب على كل مسلم اجتنابه والبعد عنه، والتحريم لا يقتصر على مضغه وأكله بل يشمل زراعته وبيعه وشراءه وتهريبه والتعاون عليه بأي وسيلة كانت.

وإن من أهم أسباب الإقلاع عنه والخلاص منه لمن ابتلي به مراقبة الله جل وعلا، وتأمل ما فيه من المفاسد، والبعد عن مجالس القات ومخالطة أهله، والاشتغال بما ينفع من عمل أو تجارة أو طلب علم أو غير ذلك مما يعود على المسلم بالنفع في دينه ودنياه. نسأل الله العافية من كل بلاء ولمن ابتلي به بعاجل الخلاص والشفاء.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين إلى ما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صل  وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

One comment

  1. Abdikhabir Mahamed

    Very good

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *